وجه عبد الله بووانو، رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، انتقادات لاذعة إلى الحكومة بشأن الطريقة التي تم بها إعداد مشروع القانون رقم 26.25 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، واصفاً إياها بـ”الاستعجال غير المبرر” و”التغييب التام للمنهجية الديمقراطية”.
وفي مداخلته خلال لقاء دراسي عقدته المجموعة النيابية حول المشروع، قال بووانو إن التعديلات المقترحة على القانون “لا تمثل مجرد تعديل بسيط، بل تطرح نسخة جديدة بالكامل”، معتبراً أن ما جرى “تغيير لمنظومة متكاملة دون أي استشارة موسعة مع المعنيين والفاعلين في القطاع”.
وأضاف المتحدث: “كنا ننتظر إصلاحاً مؤسساً على تقييم لتجربة المجلس منذ تأسيسه، مستنيراً بدستور 2011 والتجارب الدولية، لكننا فوجئنا بنص يكاد يكون مفروضاً دون نقاش عمومي أو مقاربة تشاركية”.
واعتبر بووانو أن “الصحافة مرآة للديمقراطية، وتطورها مؤشر على مدى احترام الحريات وحقوق الإنسان”، ليخلص إلى أن “الحكومة الحالية تغيب عنها مفردة الديمقراطية في سلوكها، ولا يبدو أن لها إرادة سياسية حقيقية لإصلاح القطاع وفق مقاربات تشاركية ومسؤولة”.
وفي نقد مباشر للمضامين، تساءل بووانو عمّا إذا كان مشروع القانون يُجيب حقاً عن التحديات التي تواجه المهنة، من قبيل الاستقلالية الحقيقية للمجلس، وضمان حرية الصحافيين، والحد من المتابعات القضائية التي تطال بعضهم بسبب مواقفهم أو تدويناتهم.
وأكد أن “العديد من الصحافيين يتابعون اليوم أمام المحاكم بالقانون الجنائي رغم ممارستهم لوظائفهم الصحفية، لا سيما عبر مواقع التواصل الاجتماعي”، مشدداً على ضرورة “حسم هذا اللبس الذي يضرب حرية التعبير في الصميم”.
وتساءل رئيس المجموعة النيابية: “هل تضمن هذه التعديلات استقلالية القرار داخل المجلس الوطني؟ وهل تعكس تمثيلية حقيقية لانتظارات الجسم الصحافي؟ أم أنها تكرس مزيداً من التبعية الإدارية والسياسية؟”.
وفي ختام كلمته، دعا بووانو الحكومة إلى “وقف هذا المسار المتسرع”، وفتح حوار وطني موسع حول إصلاح المنظومة الصحافية، بما يضمن الاستجابة للرهانات الديمقراطية، ويراعي السياق الدستوري للمملكة، ويرسخ التنظيم الذاتي للمهنة كحق لا يُختزل في التعيينات أو الحسابات الفوقية.
ويأتي هذا التصعيد من طرف بووانو في وقت تتعالى فيه الأصوات الرافضة لمضامين المشروع، سواء من داخل الجسم الصحافي أو من الفاعلين السياسيين، وسط مخاوف من أن تتحول التعديلات إلى “بوابة لتأميم الصحافة” وتقييد استقلاليتها، في ظل مؤشرات متزايدة على تضييق مساحة حرية التعبير في البلاد.