تشهد أسواق اللحوم الحمراء بالمغرب هذه الأيام موجة غير مسبوقة من ارتفاع الأسعار، وذلك قبيل عيد الأضحى الذي يُحتفل به هذه السنة في ظروف استثنائية، دون إقامة شعيرة الأضحية المعتادة.
رغم التوصية الملكية القاضية بتعليق الذبح بهدف الحفاظ على الثروة الحيوانية الوطنية وتخفيف العبء على الأسر محدودة الدخل، إلا أن الإقبال على شراء اللحوم لم يتراجع، بل ازداد بشكل لافت. كثير من العائلات المغربية تسابق الزمن لتأمين وجبات العيد التقليدية، ما أدى إلى اكتظاظ غير مسبوق أمام محلات الجزارة، في ظل شح ملحوظ في العرض.
وبحسب المعطيات التي استقيناها من أسواق عدة مدن مغربية، تجاوز سعر الكيلوغرام الواحد من لحم الغنم حاجز 150 درهمًا، بينما عرفت أسعار الأحشاء، خصوصًا الكبد والدوارة، زيادات مهولة. هذه الزيادات غير المسبوقة أججت غضب المستهلكين، الذين وجدوا أنفسهم عالقين بين التمسك بعادات العيد وضغوط الغلاء.
وفي خضم هذا الجدل، دخلت النائبة البرلمانية فاطمة تامني، عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، على الخط، متهمة بعض الأطراف بالتلاعب في السوق.
وفي سؤال كتابي وجهته لوزير الفلاحة، أحمد البوعاوي، وصفت ما يجري بأنه “ارتفاع غير مبرر” للأسعار، محذرة من ممارسات احتكارية يقودها بعض الجزارين والوسطاء، الذين قد يكونون قللوا من وتيرة الذبح عمدًا لإحداث ندرة مصطنعة، في غياب رقابة صارمة من الوزارة.
ورغم قرار تعليق الذبح، فإن عادات الأسر المغربية ظلت حاضرة بقوة، حيث أكد مهنيون أن بعض محلات الجزارة تستقبل ما يصل إلى 40 زبونًا يوميًا. هذا التدفق الكبير فاقم اختلال التوازن بين العرض والطلب، ودفع الأسعار نحو مستويات قياسية.
يُذكر أن بعض السلطات المحلية حاولت التخفيف من الأزمة عبر إغلاق بعض المجازر، ومنع الذبح العشوائي، وإطلاق حملات تحسيسية للحفاظ على القطيع. غير أن هذه الإجراءات، وفق متابعين، لم تكن كافية للحد من ارتفاع الأسعار أو لتلبية الطلب المتزايد.
وتكشف هذه الوضعية، وفق فاعلين جمعويين، عن مسؤولية جماعية: دور الدولة في ضبط السوق وحماية المستهلك، ودور المهنيين في الابتعاد عن الاحتكار والمضاربة، وأخيرًا دور المواطنين في التكيف مع السياق الراهن وتعديل عاداتهم بما يراعي الظروف الاقتصادية والبيئية.