Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

تداعيات المواجهة العسكرية بين إيران وإسرائيل

أكد تقرير دولي أنه في وقت تتشابك فيه الأزمات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، جاءت المواجهات العسكرية الأخيرة بين إيران وإسرائيل لتثير موجة من القلق الدولي، ليس فقط بسبب التبعات الأمنية والسياسية، ولكن بسبب ما تحمله من انعكاسات اقتصادية عالمية، خصوصًا على سوق الطاقة والتجارة العالمية. ومع تصاعد التوترات، شهدت أسعار النفط ارتفاعًا ملحوظًا، مما أعاد إلى الأذهان أزمات النفط في السبعينيات والثمانينيات، وأثار مخاوف من أزمة طاقة جديدة قد تؤثر على البلدان النامية والمتقدمة على حد سواء، من بينها المغرب، و اضاف التقرير أن التصعيد الأخير بين إيران وإسرائيل لم يعد محصورًا في الحرب بالوكالة أو المناوشات غير المباشرة، بل أصبح صدامًا مكشوفًا، تنخرط فيه منظومات الدفاع والهجوم المتطورة، وتستخدم فيه الطائرات المسيّرة والصواريخ بعيدة المدى. وقد هددت إيران أكثر من مرة بإغلاق مضيق هرمز، الشريان الذي يمر عبره نحو 20% من النفط العالمي، وهو ما سيكون له تأثير مدمر على أسواق الطاقة.
من جهتها، تلوح إسرائيل بخيارات عسكرية أكثر جرأة، بينما تبدو القوى الكبرى – مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين – في موقف المراقب القلق، تحاول احتواء الأزمة لكنها أيضًا تحاول استغلالها لخدمة مصالحها الاستراتيجية في المنطقة.
و اشار التقرير الى أنه مع كل ضربة جوية أو تهديد بحرب شاملة، تقفز أسعار النفط في الأسواق العالمية. فقد تجاوز سعر برميل خام برنت حاجز 100 دولار، وهو أعلى مستوى منذ أكثر من عامين. في ظل هذا التصاعد، تواجه الدول المستوردة للنفط خطرًا مزدوجًا: من جهة ارتفاع تكاليف الطاقة والإنتاج، ومن جهة أخرى تباطؤ سلاسل الإمداد العالمية وارتفاع تكلفة الشحن.
و جاء في التقرير أن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي أشارا إلى أن استمرار الأزمة قد يدفع الاقتصاد العالمي إلى حافة ركود جديد، في وقت لم يتعافَ فيه بالكامل من تداعيات جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا. فالارتفاع المفاجئ في أسعار النفط يُغذي التضخم، ويُضعف القدرة الشرائية، ويؤثر سلبًا على الاستثمارات والاستهلاك.
و اعتبر التقرير أن المغرب، كدولة مستوردة بشكل شبه كامل لموارد الطاقة، يقف في واجهة الخطر. ارتفاع أسعار النفط يعني ارتفاعًا مباشرًا في كلفة واردات الطاقة، وهو ما يثقل كاهل ميزان المدفوعات ويدفع الحكومة نحو دعم إضافي للمواد الأساسية، مما يضغط على الميزانية العامة ويزيد من عجزها، وإذا استمرت الأزمة، قد تضطر الدولة إلى رفع أسعار المحروقات محليًا، مما سيؤثر على قطاعات النقل والفلاحة والصناعة والخدمات. ومع الارتفاع المحتمل في أسعار المواد الغذائية بسبب ارتفاع تكاليف النقل العالمي، قد يواجه المواطن المغربي ضغوطًا معيشية جديدة، تترجم إلى غضب اجتماعي أو إلى مطالبات بزيادة الأجور والدعم.
و أكد التقرير أن تأثر حركة التجارة العالمية بالأزمة الجارية يبدو جليًا، خاصة إذا ما طال الصراع مضيق هرمز أو طرقًا بحرية أخرى. المغرب، باعتباره بلدًا منفتحًا تجاريًا، مرتبط بشبكات استيراد وتصدير دولية، ويعتمد على الأسواق الأوروبية والآسيوية في التزود بالمواد الأولية وتصدير منتجاته الصناعية والفلاحية، أي تعطيل في هذه السلاسل، سواء بسبب ارتفاع تكاليف النقل أو تقلب أسعار المواد الخام، ينعكس على تنافسية الصادرات المغربية ويزيد من التكاليف التشغيلية للشركات المحلية، خاصة في قطاعات السيارات، النسيج، والفلاحة التصديرية.
و أكد التقرير أنه أمام هذا الوضع المتقلب، تبدو الحاجة ملحة لتسريع الانتقال الطاقي بالمغرب، عبر دعم الطاقات المتجددة والاستثمار أكثر في الطاقة الشمسية والريحية. كما أن توسيع مخزون المواد الأساسية والطاقية قد يساهم في تقليص التأثيرات قصيرة الأجل للأزمات الدولية، كما يُنتظر من السياسات الاقتصادية أن تركز أكثر على تعزيز الاكتفاء الذاتي الغذائي، وتحفيز الإنتاج المحلي، وتوفير الدعم للقطاعات الأكثر هشاشة، إلى جانب مراجعة سياسات الدعم بما يحقق التوازن بين العدالة الاجتماعية والاستدامة المالية.
وخلص التقرير الى أن الحرب بين إيران وإسرائيل ليست مجرد مواجهة إقليمية، بل تهديد متزايد للاستقرار العالمي، خاصة في شقّه الاقتصادي. ومع صعود أسعار النفط والقلق المتزايد من تباطؤ التجارة، يواجه المغرب كما باقي دول العالم امتحانًا صعبًا يتطلب يقظة سياسية، وحسن تدبير اقتصادي، ورؤية استراتيجية عميقة لتقليل الاعتماد على الخارج، وتعزيز المناعة الوطنية أمام الصدمات الدولية.

Exit mobile version