Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

تغيير أسماء الفرق البرلمانية أم تغيير البنيات؟

د. رشيد لزرق*
إن المطلوب اليوم؛ ليس تغيير أسماء الفرق البرلمانية، وتغيير عناوينها، بل الواجب المستحب يتمثل في خلق رجة حزبية تنظف الأدمغة والنفوس من ثقافة الرجعية والتقليدانية، التي جعلت أكبر فرق المعارضة البرلمانية، تبتدع ما اصطلح عليه بمعارضة التسول، أي معارضة التي تنتظر المناداة عليها للمشاركة في الحكم أو الحصول على أية حصة من الحصص.
فالمعارضة ستنقسم عند طرح مشروع القانون الجنائي، ومدونة الاسرة. كما سيطرح سؤال الانسجام الايديولوجي بين الثالوث الحكومي، إذ تضم الحكومة حزب الاستقلال المحافظ، الذي يتقارب مع طرح العدالة والتنمية في الخصوصية الثقافية ومرجعيته المؤسسة، غذ كلى الحزبين يعلن استناده إلى المرجعية الإسلامية. و ستشهد المعارضة بدورها صراعا داخل ما يسمى الصف الاشتراكي؛ بين الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والاشتراكي الموحد والتقدم والاشتراكية، و باقي الحساسيات اليسارية التي تدافع بشكل مبدئي على الحقوق والحريات الفردية.
وهنا وجب تأويل النص بنفس حداثي تقدمي، يتلاءم والظروف الجديدة التي تحاصر الأمة المغربية اليوم، والتأويل طبعا يحتاج إلى قواعد ومعادلات حتى يتم إنجاز المعنى المطلوب.
إن الظرفية دقيقة، و المرحلة تقتضي الجد السياسي. و لعل مكمن الخلل الكبير، يتجسد في ترهل النخب الحزبية التي تدعي الحداثة و التقدمية، و التي لا تملك المؤهلات المعرفية و لا المصداقية المجتمعية. إذ؛ لم تعد لها القدرة و لا الجرأة، على مساءلة التراث العقلاني المغربي، مساءلة علمية-عملية. تقوم على إعادة تأويل النصوص، و قراءتها في سياقاتها التاريخية و الاجتماعية الحقيقية. باستحضار روح التشريع التنموي، بغاية التجاوب مع التحولات السوسيولوجية العميقة التي عرفها المجتمع المغربي، سواء بعد ارتفاع مستوى التمدرس، أو عند تأخر سن الزواج، و كذا تمظهرات الرغبة الشبابية في تحقيق الاستقلالية المادية، مع الانفتاح على الثقافات الأخرى. عبر اعتماد الآليات التكنولوجية المتطورة.
إن السؤال المطروح على النخب التي تدعي الحداثة و التقدمية، ما موقف أحزابها من الحرية في عمومها؟!. ذلك؛ لكي تعكس التشريعات القانونية، ما يقع داخل المجتمع المغربي، من متغيرات عميقة، كشفت عن الهوة السحيقة بين الواقع و بين القانون. فلا يمكن للوطن تجاوز الإكراهات العالقة عدا بمنظومة حزبية ديمقراطية واعية و مسؤولة.
ولا شيء يعطي للحزب السياسي سوى نظرة أصحابه إليه. و”لولا الاعتبارات لسقطت الحكمة” كما يقال. فالأحزاب تتشابه من حيث كونها تنظيمات سياسية، لكن الذي يميزها هو “الاعتبار” الذي يعطيه كل تجمع من المواطنين لتنظيمهم السياسي. أما إن لم يكن هناك “اعتبار” فسميه ما شئت فلن ينتج شيئا ذا مصداقية.

*رئيس مركز شمال افريقيا للدراسات و الابحاث و تقييم السياسات العمومية.

Exit mobile version