تحت عنوان “القضية الاستراتيجية لتصنيف جبهة البوليساريو منظمة إرهابية أجنبية”، نشر معهد “هانتسوم” تقريرا قال في خلاصته “لم تعد الصحراء الغربية قضية هامشية، بل أصبحت تقاطعًا جيوستراتيجيًا يجمع بين مكافحة الإرهاب، والوصول إلى الموارد المعدنية الحيوية، وتنافس القوى العظمى. وتُغذي الشبكات المسلحة المرتبطة بالبوليساريو حالة عدم الاستقرار في منطقة الساحل، مُهددةً بذلك الموظفين الأمريكيين، ومُقوّضةً حكومات المنطقة، ومُعطّلةً الوصول إلى رواسب اليورانيوم والذهب والمعادن النادرة، وهي موارد حيوية لسلاسل التوريد العالمية. في خضم هذه الاضطرابات، يبقى المغرب شريكًا ثابتًا للولايات المتحدة، إذ يُحيّد الخلايا الإرهابية، ويُدرّب القوات الإقليمية، ويُشكّل بوابةً للتواصل الغربي البنّاء.
إنّ تصنيف جبهة البوليساريو كمنظمة إرهابية أجنبية من شأنه أن يُرسّخ التحالف الأمريكي المغربي، ويُقوّض عقدةً رئيسيةً في بنية نفوذ إيران وروسيا والصين، ويُظهر أن الالتزامات الأمريكية تحمل عواقب استراتيجية. إنّ التقاعس عن العمل لا يُؤدي إلا إلى مزيد من تآكل مصداقية الولايات المتحدة”.
واعتبر التقرير أن الصراع “لم يعد مجمدًا، بل يشكل الآن تحديًا مباشرًا للمصالح الأمنية الأمريكية. في قلبه جبهة البوليساريو، وهي منظمة شبه عسكرية تشكلت في الجزائر عام 1973. وتقدم البوليساريو نفسها كحركة من أجل تقرير المصير. لكنها تعمل كميليشيا مزعزعة للاستقرار وتهريب الأسلحة”.
وأكد التقرير أن “المغرب حليف رئيسي من خارج حلف شمال الأطلسي (الناتو) للولايات المتحدة وركيزة أساسية للاستقرار الإقليمي. وفي عام 2020، حاد الرئيس دونالد ترامب عن سياسة أمريكا طويلة الأمد ولكن غير الفعالة تجاه المنطقة من خلال الاعتراف رسميًا بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية”.
وأوضح أنه “للتحرك نحو الاستقرار الطويل الأمد في المنطقة، يتعين على الولايات المتحدة أن تصنف جبهة البوليساريو كمنظمة إرهابية أجنبية”.
وحسب التقرير فإن أنشطة جبهة البوليساريو تتجاوز المعاييرَ الممعروفة لتصنيفها كمنظمة إرهابية. فمن بين تجاوزاتٍ أخرى، تقوم المنظمة بانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار لعام 1991 المدعوم من الأمم المتحدة في الصحراء الغربية، وبسحب المساعدات الإنسانية لتمويل بنيتها التحتية العسكرية، وبالتعاون مع منظمات إرهابية أجنبية مثل حزب الله وحزب العمال الكردستاني، وباستلام طائرات بدون طيار من الحرس الثوري الإسلامي الإيراني عبر عمليات نقل يُسهّلها النظام الجزائري، وبتهريب الأسلحة إلى الحركات الجهادية التي تُهدد القوات الأمريكية في جميع أنحاء منطقة الساحل.
وقال التقرير إن تصنيف البوليساريو كمنظمة إرهابية أجنبية لن يُشلّ شبكةً بالوكالة فحسب، بل سيُعزز موقف الولايات المتحدة في منافسة القوى العظمى، ويُظهر التزام واشنطن تجاه حلفائها، وسيكون بمثابة تحذير لأعداء أمريكا.
وقد تعهد عضو الكونغرس جو ويلسون بإصدار تشريع لكشف تهديد البوليساريو. كما أيد وزير الخارجية ماركو روبيو خطة الحكم الذاتي المغربية باعتبارها السبيل الوحيد الموثوق للسلام. ويُعدّ تصنيف البوليساريو كمنظمة إرهابية أجنبية خطوة قانونية واستراتيجية سليمة لمعالجة هذا الوضع المُلح.
لسنوات، اعتقد صانعو السياسات الأمريكيون أن الحياد قد يعزز المصالحة بين الجزائر والرباط. لكن جمود الجزائر الأيديولوجي واستثمارها الكبير في جبهة البوليساريو جعل فك الارتباط غير مبرر سياسيًا بالنسبة للولايات المتحدة. ومع تعزيز المغرب لشراكاته الغربية لا سيما من خلال تبادل المعلومات الاستخباراتية والتدريبات العسكرية المشتركة مثل الأسد الأفريقي تعمق الخلاف بين الجزائر والرباط أكثر.
وشدد التقرير على أن مخيمات جبهة البوليساريو في تندوف بالجزائر، هي جيوب عسكرية، وليست ملاذات للاجئين. في هذه المخيمات، تفرض البوليساريو سيطرة صارمة على سكان يبلغ عددهم حوالي 90 ألف شخص. وأفادت هيومن رايتس ووتش أن هذه المخيمات تفتقر إلى الانتخابات والصحافة الحرة، وأن المواطنين يواجهون التجنيد الإجباري المدعوم بعقوبة السجن. بل ويشير التقرير إلى أن بعض اللاجئين الخاضعين لسيطرة البوليساريو قد يُستعبدون. علاوة على ذلك، وثّق المكتب الأوروبي لمكافحة الاحتيال سرقة البوليساريو للمساعدات لدعم ميليشياتها في الوقت الذي يعاني فيه السكان. هذه أفعال نظام قسري، وليست حركة تحرير. في المقابل، يشارك الصحراويون في الصحراء الغربية الخاضعة للإدارة المغربية في الانتخابات المغربية ويتمتعون بنفس إمكانية الوصول إلى الخدمات الحكومية التي يتمتع بها المواطنون المغاربة.
وعلى الجانب العسكري، فإن العلاقات القاتلة لجبهة البوليساريو بالشبكات المتطرفة موثقة جيدًا. أصبح عدنان أبو الوليد الصحراوي، الذي يُقال إنه كان له دور في جبهة البوليساريو، أميرًا لتنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى. وتحت قيادته، نفّذ التنظيم العديد من الهجمات في منطقة الساحل، بما في ذلك كمين في النيجر عام ٢٠١٧ أسفر عن مقتل أربعة جنود أمريكيين.
ووفقًا للمادة 219 من قانون الهجرة والجنسية الأمريكي، تستوفي جبهة البوليساريو المعايير القانونية الثلاثة لتصنيفها كمنظمة إرهابية أجنبية، حسب ما أورد التقرير، وهذه المعايير هي، أولًا، البوليساريو منظمة أجنبية. تعمل البوليساريو بالكامل خارج الولايات المتحدة. تتمركز قيادتها وبنيتها التحتية وأنشطتها العسكرية في منطقة تندوف بالجزائر. وثانيًا، تشارك البوليساريو في أنشطة إرهابية كما هو مُعرّف في المادة 8 من قانون الولايات المتحدة، القسم 1182. ويشمل ذلك الهجمات التي تنتهك اتفاقيات وقف إطلاق النار، والعنف ضد المدنيين، والتنسيق اللوجستي والعملياتي مع منظمات إرهابية أجنبية مثل حزب الله. في عام 2018، قطع المغرب علاقاته مع إيران بسبب وجود معسكرات تدريب لحزب الله في تندوف. وثالثًا، تُهدد أنشطة البوليساريو المواطنين الأمريكيين وتضر بالمصالح الأمنية الأمريكية. تُقوّض هذه الجماعة المغرب، الحليف الرئيسي غير العضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو) والشريك الرئيسي للولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب. كما تُمكّن جهات فاعلة معادية مثل إيران وروسيا والصين من توسيع نفوذها في منطقة الساحل، وهي منطقة حيوية للمصالح العسكرية والاقتصادية الأمريكية. وتهدد تصرفات المنظمة المزعزعة للاستقرار الأفراد الأميركيين المنتشرين في منطقة الساحل، وتعطل التعاون الاستخباراتي والأمني الإقليمي.
تقرير أمريكي يُحدد دواعي تصنيف “البوليساريو” إرهابية
