لكبير بلكريم
لحظة تحلق أفراد الأسر المغربية على مائدة الإفطار بعد عناء وتعب يوم من العمل والصيام، في انتظار صوت الأذان لمباشرة عملية تناول الوجبة التي لها طقوس قد تختلف بين الشخص والآخر، تشرع الأسر في تناول وجبة إفطارها أمام شاشتنا الصغيرة لمتابعة برامج ومسلسلات للترفيه والترويح عن النفس وخلق جو من السعادة والفرجة الحقيقية.
تكثر تلفزتنا من الإشهارات المدفوعة لدرجة تجعل المتتبع والمشاهد يفر لقنوات أخرى أجنبية بسبب تشابه ما يفر منه من قناة مغربية لأخرى، كان على تلفزتنا أولا أن تحدث قناة متخصصة في الإشهارات التجارية المدفوعة لكي يتم تمريرها لحظة الذروة وهي الفترة التي يجلس كل المغاربة أمامها لتزامن ذلك مع تناول وجبة الإفطار في رمضان الكريم.
لكن الأغرب وغير المقبول أنك كلما أشعلت التلفزة تمتعض من مسلسلات وبرامج قاسمها المشترك العويل والنحيب والبكاء والصراخ ولطم الخدود وشق الجيوب المنهي عنه دينيا، لتتحول لحظة تناول وجبة الإفطار من ذلك الفرح والسرور والثبور إلى لحظة امتعاض وغضب وسخط وخلق جو مشحون بالرهبة والخوف والرعب ولاسيما في نفوس الأطفال.
ترى ألم تجد تلفزتنا ما تقدمه لنا كدافعي الضرائب وكممولي لميزانيتها وأنه الأجدر بنا كمشاهدين بالدفع، أن تقدم لنا الأجود والأصلح والأفرَحَ والأسعد، لكن هُراؤُها وسوداويتها وأجواؤها المشحونة أينما وليت وجهك إلا وتصدمك بمسلسلات وبرامج وسكيتشات كلها بكاء وعويل ولطم خدود وشق جيوب ومآسٍ.
لماذا لم تقدم لنا تلفزتنا التي تحول عشرة ممثلين إلى باسطي أيديهم عليها من ضمن الألف فنان أينما وليت وجهك بين قنواتنا الهزيلة إلا ووجدت نفس الأشخاص ونفس الأصوات ونفس الوجوه وكأن تلميذا فرضت عليه عقوبة كتابة النص “عشر مرات”
تفر الأسر مجبرة إلى قنوات غربية أو شرقية أو آسيوية، بحثا عن الفرجة والترفيه عن النفوس، يقع هذا في الأوساط الشعبية والفقيرة والأوساط الهشة، لكن الطبقات المختلفة معها، من البدء تفر للقنوات الأجنبية ولا وجود لقنوات مغربية ضمن سلسلة قنوات تلفزتها التي تتابعها وتتنقل من واحدة تلو الأخرى حسب الرغبة واللحظة.
قد يجوز لنا أن نسمي الممثلين والفنانين المغاربة الذين حكموا تلفزتنا هذا الشهر وأنى وليت وجهك تجدهم وكأنك تتابع نفس الحلقة التي تستعصي على الانقطاع والنهاية برنامج يرميك لبرنامج ومسلسل لمسلسل بين نفس الأشخاص لدرجة أن الأطفال يطرحون بشكل متواصل العديد من الأسئلة بسبب اختلاط الأدوار والأسماء لنفس الممثلين بنفس المسلسلات والبرامج والسكيتشات، فقد اختلط عليهم الأمر وأصبحوا يواصلون طرح الأسئلة بشأن ذلك.
تلفزة…. البكاء والنحيب والعويل ولطم الخدود وشق الجيوب
