Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

توحّشناكم.. والتفنّن في الترحاب بأبناء الجالية المغربية

محمد عفري

تفنّنت السلطات في الترحاب بأبناء الجالية المغربية بمناسبة فصل الصيف والعطل السنوية على الطرق السريعة بالخصوص. يافطات عريضة تحمل، بالبنط العريض وبتقنيات ضوئية ورقمية من آخر طراز، شعار “توحّشناكم”، زينت المشهد على طول هذه الطرق من المعابر الحدودية في شمال المملكة و شرقها وعلى امتدادها إلى آخر نقطة من كل الاتجاهات بتراب المملكة الشريفة.
الحقيقة أن وباء كوفيد كورونا وتداعياته، وما اضطر المغرب من تدابير احترازية، تدخل في إطار قانون الطوارئ والحجر الصحي، شكلت مانعا قويا لإخواننا، أبناء الجالية المقيمين في كل دول العالم، من غربه إلى شرقه، ومن شماله إلى جنوبه، حال دون معانقة التراب الوطني، على امتداد ثلاث سنوات متتالية.
لا يدرك غياب ثلاث سنوات عن أرض الوطن إلا المكتوون بالغربة وشرورها، ولا يحسها إلا من حرموا من فلذات أكباد أو أزواج أو أشقاء وجدوا في المهجر ملجأ حقيقيا للعمل والدراسة والتجارة وغيرها من الأعمال والمهن والخدمات في غياب سياسات ضامنة للاستقرار بالمغرب، وموفرة لفرص الشغل بالوجه المطلوب وبالقدر الكافي و بالشكل الذي يضمن الأريحية والكرامة.
عبارة “توحشناكم” التي استحسنها أبناء جاليتنا باعتبارها أكثر تحسيسا وإحساسا بالترحاب، إن كانت في عُمقها تفيد اشتياق المواطنين إلى أقاربهم بسبب المدة الطويلة التي فرضها الظرف القاهر، دون تجديد الوصل، فإنها أكدت أنها ظلت حبيسة “الطريق السيار” وكفى. أما خارج هذا الإطار، فلا معنى للاشتياق واللوعة، لأن غالبية المواطنين من أبناء جاليتنا لم يجدوا من عميق هذه العبارة، غير الشعار أينما حلوا وارتحلوا لدى الإدارات والمصالح من أجل قضاء مختلف المآرب. يشكو بعض ابناء الجالية بالقول ،على الطريق السيار تبدو عبارة اشتقنا إليكم برّاقة و في الآذان تسمع رنانة جذابة، لكن على أرض الواقع، خصوصا في المعاملات الإدارية تبقى بعيدة كل البعد بل تكاد تكون منفرة أكثر منها محفزة على روح التعلق بالوطن.
في الواقع اعتاد مغاربة العالم أثناء عودتهم إلى أرض الوطن، أن يقرأوا على جنبات الطرق السيارة والطرق الوطنية عبارات أكثر تحسيسا تجعلهم أكثر قربا للمغاربة من ابنائهم في الغربة، بل أكثر اعتبارا و تقديرا لهم كمواطنين و أشخاص واكثر تخوفا على سلامتهم من أي مكروه، مثل شعار” لا تسرع يا أبي نحن في انتظارك”، التي كانت تجعل منهم أكثر أمانا وأقل تناقضا في التعامل من الاسرة إلى المصالح الإدارية، قبل أن تكشف عبارة “توحشناكم” أنها مجرد اشتياق و لوعة للعملة الصعبة التي حولوا هذا الصيف كما اعتادوا عند كل عودة، حسب مغربي مقيم بالخارج ، متدمر من سوء معاملته من لدن بعض المصالح الإدارية.

Exit mobile version