ينبغي أن نشكر عبد الإله بنكيران، الأمين العام الأسبق والحالي لحزب العدالة والتنمية ورئيس أول حكومة بعد دستور 2011، لأنه استطاع أن يضمن بقاء ثقة المغاربة لمدة أطول في الحكومة، حتى وهو يزعج المغاربة بالزيادة في أسعار المحروقات ويحرر الأسعار ويرفع سن التقاعد ويخفض المعاشات، لكن لم يتراجع منسوب ثقة المغاربة إلا قبيل الانتخابات الأخيرة بسنة أو سنتين، وتأكد المغاربة أن الضمانة الأخلاقية التي قدمها لم يلتزم بها.
لكن هذه الثقة التي تم سحبها من العدالة والتنمية ووضعها في “جراب” عزيز أخنوش زعيم التجمع الوطني للأحرار وقائد “تجمع المصالح الكبرى” لم تدم سوى “سبعة أيام” بدل سبع سنوات.
إذا كان الأول قد استطاع أن يجرجر الناس سنوات كي يستوعبوا أنه لم يكن صادقا وأن “الحاج” الذي دخل السوق بهذه الصفة انحطّ أخلاقيا ولم يف بوعوده، فإن الثاني لم يتمكن من ذلك لأنه اقترح نفسه بديلا واعدا الناس بأمور كثيرة وبأرقام فلكية، على رأسها ترسيم المتعاقدين ورفع أجورهم بـ2500 درهم، ومنح كبار السن، الذين ليس لهم معاشات ألف درهم شهريا، ومنح الآباء 300 درهم عن كل طفل متمدرس في التعليم الخصوصي في حدود ثلاثة أطفال.
الوعود كانت كبيرة والضمانات كانت أكبر، لكن كما يقول المغاربة “اللي قرصو الحنش يخاف من الشريط”، ولهذا وفي غياب الضمانة الأخلاقية، وبعد أن جربوا الحزب الإسلامي لمدة عشر سنوات، لم تعد لهم القدرة على التحمل وفهموا اللعبة من البداية، وبمجرد اتخاذ إجراءات غير اجتماعية بدأ المجتمع في تحسس الجيوب، التي كان يعتقد أنها ستُملأ غير أن حكومة “تجمع المصالح الكبرى” عازمة على إفراغها بشكل كبير، ومن هنا تأخر المغاربة في استيعاب فقدان الثقة في بنكيران وسرعة استيعابها مع أخنوش.
بأي وجه سيلقى أخنوش المغاربة؟ ماذا سيقول عن الوعود التي أطلقها؟ هل سيقبل أن يرميه المغاربة بالحجر مثلما قال القيادي في التجمع الطالبي العلمي؟
الشعار الذي رفعه الحزب الأغلبي هو “تستاهلو أحسن”. ظن المغاربة أو من صوت منهم لفائدته، أن هذا هو البديل الحقيقي لعشر سنوات عجاف، غير أن المجتمع استيقظ على حقيقة مرعبة وهي أن الوعود مثل سحابة كاذبة.
لا يقف الأمر عند هذا الحد، ولكن الحكومة أضافت إلى ذلك “تحدي” الجميع. كلما اتخذت إجراء قاسيا جاءنا وزير يقول إن القانون يسمح بذلك، وأن المراسيم كيت وكيت. هذا الأمر مرعب جدا لأن فقدان الثقة في الحكومة بشكل كبير هو ركيزة أساسية لزعزعة الاستقرار الاجتماعي.
يذهب الكثير إلى أن الحكومة أفقدت الشعب الثقة في مشروع لا دخل لها فيه. بعد أن كان المواطنون يتزاحمون على مراكز التلقيح لم يعودوا يذهبون رغم التهديدات، ليس خوفا من التلقيح، وهو المشروع الملكي، الذي مسته حكومة أخنوش بسوء، ولكن لأن المواطن أصبح رافضا لكل شيء تشرف عليه الحكومة. مستوى خطير أوصلتنا إليه الحكومة وستكون له، لا قدر الله، تكلفة اجتماعية باهظة الثمن.
ثقة المغاربة بين بنكيران وأخنوش
