Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

ثورة الملك ورجعية الحكومة

من حق المغاربة أن يتذكروا يوم التاسع من مارس ولم لا يجعلون منه يوما للاحتفال، ليس بالضرورة عن طريق تنظيم الحفلات ولكن عن طريق تنظيم الندوات الفكرية، حول الدستور والدستورانية، باعتباره يوما يجسد حقيقة حدثا تاريخيا غير مسبوق في المغرب، لأنه اليوم الذي خاطب فيه جلالة الملك المغاربة داعيا إلى إنجاز دستور وفق نمط ومنهجية جديدين، وحدد أصوله وقواعده، ولكن ترك للمجتمع من خلال ممثليه أن يصيغوا هذه الوثيقة عن طريق آلية الاستماع، التي ترأسها فقيه دستوري.

شكلت الآلية طريقة جديدة في تجميع مطالب الشعب بالنسبة للدستور، في الوقت الذي كانت فيه الدساتير السابقة تأتي من الدولة أي يقترحها جلالة الملك ويصوت عليها الشعب، لكن هذه المرة تم الاستماع لكافة الأحزاب، الممثلة في البرلمان وغير الممثلة، الكبيرة والصغيرة بل تم استدعاء حتى التنظيمات التي تحمل طابعا جذريا، وتم الاستماع لجمعيات المجتمع المدني وفق معيار مضبوط، كما تم الاستماع إلى تمثيلية شباب حركة 20 فبراير.

قبل عرض الدستور على الشعب قصد المصادقة عليه تم الاستماع للشعب وتعبيراته السياسية والاجتماعية، قصد جمع كافة المطالب، وهذا معنى الإنصات الملكي لمطالب الشارع، وتكلفت اللجنة المذكورة بصياغتها في قالب بنود وفصول عامة وشاملة مؤطرة لحركة الدولة والمجتمع.

لقد كان التوجه العام، الذي طبع صياغة الدستور والإعداد له، هو خطاب التاسع من مارس 2011، الذي عرض فيه جلالة الملك ليس الخطوط العريضة ولكن منهجية إنجاز دستور جديد، لكن تحت عناوين واضحة أهمها تخلي المؤسسة الملكية عن مجموعة من الصلاحيات لفائدة رئاسة الحكومة.

صلاحيات كثيرة جاء بها الدستور الجديد، وعلى رأسها فرض تعيين رئيس الحكومة من الحزب الذي يفوز بالرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية، واقتسم سلطة الحكومة بين الاقتراح لرئيس الحكومة والتعيين للملك والتنصيب للبرلمان، وهي عملية معقدة وضامنة للشفافية لو كان القوم يعلمون، تم منحها صلاحيات عديدة محددة في بنود الدستور بدقة ووضع الدستور رهن إشارتها الإدارة الترابية ومنحها سلطة التعيين في المناصب العليا إلا في قلة من المناصب يتم التعيين فيها من خلال التداول داخل المجلس الوزاري.

وكي تمارس الحكومة كافة صلاحياتها كان عليها تنزيل الدستور كاملا بكافة بنوده عبر قوانين تنظيمية، وتشكيل كافة المؤسسات الدستورية التي أقرها الدستور الجديد، لكن وللأسف الشديد ورغم مرور ولايتين من عمر هذه الحكومة، التي قادها حزب العدالة والتنمية، ظلت العديد من القوانين التنظيمية معطلة وأخرى جاءت بشكل ناقص، بمعنى أن من منحه الدستور الصلاحيات لا يعرف معناها ولا مبناها بل عبر عن استعداده للتخلي عنها في أكثر من مناسبة وخطاب وهذا ما لمسناه في كلام بنكيران والعثماني وعند الأول بشكل كبير، وأوضحت الأيام أن الحزب يفهم الديمقراطية بشكل ميكانيكي متناسيا كل أشكالها التوافقية والتي لولاها ما كان أصلا.

Exit mobile version