تكاثرت أخيرا وبشكل فظيع حرائق الغابات، ووصل الوضع إلى الكارثة حسب ما عرفنا من التقرير الأخير الصادر بهذا الخصوص، لن نتحدث عن الأرقام، التي أوردناها في مقال إخباري، ولكن عن الخلفيات.
الغابة رئة العالم وبالتالي هي رئة المغرب. العالم كله يبكي عندما تحترق الأمازون لأن حرائق الغابات تكلف البشرية كثيرا، ونحن أيضا ينبغي أن نبكي عندما تحترق الغابات هنا في بلادنا، فهي تكلفنا الكثير، فالناس يسعون إلى غرس الأشجار لا لاقتلاعها، وهناك تحديات كبيرة هي أن كل واحد يزرع شجرة من أجل إنقاذ البشرية، لكن نحن نتسبب في إعدامها.
هنا ينبغي أن نكون واضحين، باعتبار الجميع يتحمل المسؤولية.
يتحملها المواطن الذي يذهب للنزهة في الغابة ويقوم بإيقاد النار من أجل الطبخ، ويستعمل الأخشاب وخشاش الأرض، وبعد أن يرحل يترك النار على حالها فتصل إلى الأشجار وتلتهمها وتتوسع دائرة الحريق، كما يوجد من بين زوار الغابة من يرمي أعقاب السجائر المشتعلة، التي تتحول إلى نار حارقة وبشكل كبير، وهنا تظهر مسؤولية المواطن، الذي ينبغي أن تكون لديه روح الحفاظ على ثروة البلاد المشتركة.
ويتحمل المسؤولية أيضا المواطن الذي يرى الخطر الداهم بالغابة ولا يبلغ من يعنيهم الأمر بالموضوع خصوصا في زمن الهواتف النقالة، فواجب على كل مواطن شاهد شخصا يقوم بإشعال النار وسط الغابة أن يخبر المكلفين بحماية الغابة في الحين قصد إنقاذ الموقف.
لكن الطامة الكبرى، التي تبين بوضوح أن الكثير من الملك الغابوي لا يحرق بالخطإ والتهور، ولكن عن قصد، وبإرادة واضحة قصد الإضرار بالمجال، الذي يتم تحويله إلى تجارة مربحة، ولكنه ربح مثل ربح “تجار الحروب”، وحرائق الغابات أصعب حرب يمكن أن يعيشها الإنسان اليوم، حيث تغتني المافيات من القضية.
فهناك من يسرق الغابة ليبيع أخشابها خارج القانون، لكن هناك من يسعى إلى أن يدمر الحزام الأحضر وألا يبقى لها أثر في الوجود، حيث تتحول إلى أرض قاحلة تدخل في المجال الحضري وتنتهكها مافيات العقار وتبيعها بالثمن الغالي، لكنه ثمن يساوي مستقبل الأجيال القادمة، التي ستعيش أزمة بيئة واضحة.
العالم كل العالم يعاني اليوم من التلوث البيئي، الذي تتسبب فيه الانبعاثات الغازية كما تتسبب فيه حرائق الغابات المدمرة، وتتظافر هذه العوامل في إهلاك البيئة من أساسها، وقتل الرئة التي تتنفس بها البشرية، حيث ستتضاعف الأمراض المرتبطة بالتنفس وخصوصا أمراض الصدر والحساسية ناهيك عن القلب، وهي كلها أمراض ينتجها التلوث ويساهم في مضاعفاتها الخطيرة، فهل يدري المافيوزيون أنهم بفعلتهم هذه يقومون بقتل مستقبل القادمين من أولادنا وأحفادنا.
لا مستقبل للبشرية اليوم دون العناية بالبيئة والحد من الانبعاثات الغازية قصد تخفيف الضغط على طبقة الأوزون التي تحمي العالم من الفضاء الخارجي ناهيك عن بيئة العيش..
حرائق الغابات ومافيا الحياة
