ليس افتراء على أحد ولكنها الحقيقة الماثلة أمامنا، فعندما نقول إن حكومة عزيز أخنوش شبيهة بـ”شركة مناولة”، لأنها تقتصر على تدبير يومي لللشؤون العامة للبلاد، وتحصل على أجور وتعويضات مقابل ذلك، وهذا ما يمكن أن تقوم به أية شركة مناولة دون الحاجة إلى الانتخابات ومصاريفها الكبيرة، ودون استشارات نيابية وسياسية قصد تشكيل أغلبية، لكن الديمقراطية التي اختارها المغرب تقتضي الالتزام بقواعد الدستور، التي تنص على أن “الملك يعين رئيس الحكومة من الحزب الذي يحصل على المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية”.
حكومة سياسية يعني وليس حكومة تنفيذ إجراءات يومية، ومن يقول حكومة سياسية فإنه يقصد حكومة تمتلك استراتيجية تدبيرية.
أزمة المحروقات خير دليل على أننا أمام حكومة شبيهة بـ”شركة مناولة”. أمام هذه الأزمة العالمية انحازت الحكومة لأصحاب الشركات، ونقول انحازت من باب “المسامحة اللغوية” وإلا فالحكومة تمثل “تجمع المصالح الكبرى” وقدمت استقالتها أمام ارتفاع الأسعار وتركت المواطن في مواجهة صاحب محطة البنزين، وقد عبر الوزير بايتاس عن هذا الأمر بجلاء عندما قال “اللي عندو شي سيارة يتحمل مسؤوليتها، واش الحكومة تحملها فبلاصتو”، بمعنى “منّك لمول البومبة”.
في الولايات المتحدة الأمريكية، أغنى دولة في العالم من خلال ناتج داخلي خام يصل إلى 22 تريليون دولار، قررت الحكومة تجميد الضرائب على المحروقات الفيدرالية والمحلية لمدة ثلاثة أشهر على الأقل، وذلك لمعالجة آثار ارتفاع أسعار المحروقات التي لم يعد المواطن الأمريكي يتحملها، وبالمناسبة المواطن الأمريكي يحصل على حد أدنى من الأجر لا يقل عن 1600 دولار بينما السعر غير المقبول للغازوال هو خمسة دولارات للغالون بمعنى حوالي دولار واحد وثلاثين سنت ما يقابل 12 درهم مغربية، حيث الحد الأدنى للأجر لا يتجاوز 2500 درهم أي حوالي 250 دولار.
الولايات المتحدة الأمريكية دولة رأسمالية مطلقة وفيها ليبرالية قاسية، والمواطن مسؤول عن تأمينه وتقاعده وغيرها، ومع ذلك قامت الدولة بهذا الإجراء لأن الظرف صعب والقاعدة الاجتماعية لا يمكن أن تتحمل كلها هذه الزيادات، بينما المغرب الدولة فيه اجتماعية وكان على الحكومة أن تجسد هذا الاختيار، لكن مع كامل الأسف، الدولة ذات بعد اجتماعي وجلالة الملك حريص على تجسيد هذا المبدأ وهو الذي أمر بإطلاق ورش تعميم الحماية الاجتماعية، لكن للأسف الشديد في الدولة الاجتماعية تم انتخاب حكومة غير اجتماعية تتبنى منظورا رأسماليا متوحشا.
في الأرجنتبين وهي دولة مشابهة لنا اتخذت الحكومة إجراء فرضت بموجبه الضريبة على الشركات التي ازدادت أرباحها خلال أزمة أوكرانيا بينما تضاعفت ثروة أخنوش خلال أزمة كورونا.
وبما أن للحكومة تأثير مباشر على المواطن وتأثير مباشر على الأوضاع الاجتماعية قد تؤدي إلى الفوضى، لا قدر الله، فإن مؤسسات الدولة مطالبة بشكل كبير أن تقوم بفرملة السير غير الطبيعي لحكومة غير اجتماعية لا تنسجم مع أسس الدولة.
حكومة أخنوش شبيهة بـ”شركة مناولة”
