Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

حكومة “أربعين مليون وزير”

كثرة الهم تُضحك كما أن كثرة الوزراء تُبكي. كثرة الوزراء وقلة الكفاءات مصيبة ابتلي بها بلدنا، الذي اختار الديمقراطية نهجا سياسيا لكن الأحزاب اختارتها نهجا للغنيمة. وبما أن المقاعد المحصل عليها يتم التفاوض من خلالها على عدد المناصب وشكلها وليس جوهرها فإن الحكومة ضمت “كفاءات” مضحكة للغاية، تقول ما لا تفهم وتهرف بما لا تعرف.
آخر تلك الفتوحات اللغوية التي أتحفتنا بها حكومة “الكفاءات” ما قاله فوزي لقجع، الوزير المنتدب في الميزانية، إذ قال أمام برلمانيي الشعب “كل واحد مسؤول على راسو”، وكانت وزيرته في الاقتصاد والمالية قالت عن صناديق التقاعد “إنها سوف تفلس وما عند الحكومة ما تدير”، وقال مصطفى بايتاس، الناطق باسم الحكومة، “اللي عندو شي طونوبيلا راه مسؤول عليها”.
اللغة ليست شأنا تعبيريا ولكنها أداة للتواصل. ومن خلال كلام الوزراء نفهم ماذا تريد الحكومة. هذه الحكومة تفهم الشأن العام بشكل مقلوب. في الاجتماع السياسي تم التواضع على الحكومة وأشكال الحكم حتى لا يبقى كل واحد مسؤول عن نفسه. إذا كنت مسؤولا عن نفسي فلماذا تأخذ مني الحكومة الضرائب، فلتتركها لي أدبر بها شأني “وندبر راسي”. ولكن للخروج من حالة الطبيعة وتهذيب العنف “الموجود” لدى كل واحد منا جاءت المؤسسات لتقوم بهذا الدور.
فدور الحكومة ليس دور “الصنّاكّ”، الذي يجمع المال من رواد السوق مقابل البضاعة أو العربات أو حتى الحمير والبغال، وإلا ستصبح مجرد حكومة “جابية” و”سوقية”، ولكن ميزة السوق أن القواعد فيه يصنعها من سبق أولا واستولى على المكان، وأي تحول من هذا النوع يعني أن الحكومة تدعو للفوضى.
نعرف جيدا أن العالم يعرف تحولات واضطرابات وهي تؤثر على السوق العالمية. لكن ليس دوري أنا وأنت وفلان وعلان البحث عن حلول. الحكومة تجمع الضرائب كي تدير بها الشأن العام وليس استغلال هذه الأموال من أجل البحث عن حلول للشركات التابعة لـ”تجمع المصالح الكبرى” برئاسة عزيز أخنوش. دورها البحث عن حلول حتى لا يتأثر المواطن وقت الأزمة.
في أي شيء يهم المواطن أن يعرف أن صناديق التقاعد مهددة؟ ألم يكن ذلك في السابق وتم فرض إصلاح قاس على الموظف لم تتحمل فيه الخحكومة أية تبعات؟ ما يهمني هو أن تقوم الحكومة بدورها لإيجاد حلول جذرية لهذا الموضوع.
عندما ترتفع الأسعار عالميا نتيجة اختلالات في سوف التوريد، لا يمكن تحميل المسؤولية للمواطن. فهذه إيطاليا دولة متوسطة الحال أوروبيا اتخذت إجراءات كثيرة حماية للمواطن وكأنها بلد اشتراكي. وإسبانيا بعد إغلاق أنبوب الغاز الجزائري لم تقل لمواطنيها “دبرو روسكم” ولكن جلست مع قطر لتبحث عن بدائل.
دور الحكومة هو البحث عن بدائل عند كل أزمة أما لغة “دبرو روسكم” فهي تعني أن كل مواطن سيصبح وزيرا وكل واحد سيدافع عن مصلحته الخاصة بما يعني دخول عصر فوضى كبيرة قامت الدولة بالكثير من أجل تفاديها. فلماذا تقوم حكومة أخنوش بنقيض ما تريده الدولة ولمصلحة من؟

Exit mobile version