Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

خطاب المسيرة الخضراء: من استكمال الوحدة إلى تنمية الأرض والإنسان ومن الانفتاح إلى بناء أفق إفريقيا الأطلسية

يكتسي الاحتفال بذكرى المسيرة الخضراء مغزى ورمزية كبيرة، وذلك عبر جعلها مسيرة عبور من مسيرة لاستكمال الوحدة الترابية إلى مسيرات للتنمية والتحديث والبناء وتكريم المواطن، ومسيرات أيضا لاستثمار المؤهلات التي يتوفر عليها المجال الترابي لبلادنا في الصحراء المغربية.
ولم تنفصل معركة البناء عن معركة استكمال الأسس القانونية الدولية لوحدتنا الترابية حيث استحضر جلالته بهذه المناسبة دور الديبلوماسية الوطنية في تدبير ملف وحدتنا الترابية، وهي المسيرة التي تم تتويجها بتقوية موقف المغرب والتصدي لمواقف ومناورات الخصوم، وتزايد الدعم الدولي للوحدة الترابية لبلادنا، ولم يفت الخطاب الملكي الإشارة إلى أن هناك نوعان من الخصوم، المكشوفون والخفيون.
وشدد جلالته بهذه المناسبة على تعزيز استكمال الوحدة الترابية، للبعد الأطلسي للمملكة بحكم أن الواجهة الأطلسية للمغرب بوابة نحو إفريقيا ونافذة للانفتاح على الفضاء الأمريكي، وهو ما يعزز الفضاء الاستراتيجي للمملكة، البلد الإفريقي الوحيد الذي لديه واجهتين واحدة متوسطية والأخرى أطلسية.
وقال جلالته “إذا كانت الواجهة المتوسطية ، تعد صلة وصل بين المغرب وأوروبا ، فإن الواجهة الأطلسية هي بوابة المغرب نحو افريقيا، ونافذة انفتاحه على الفضاء الأمريكي”.
ومن أجل تحقيق هذه الأهداف كان لزاما من تأهيل المجال الساحلي وطنيا، بما فيه الواجهة الأطلسية للصحراء المغربية، وكذا هيكلة هذا الفضاء الجيو – سياسي على المستوى الإفريقي. وذلك من أجل تحويل الواجهة الأطلسية، إلى فضاء للتواصل الإنساني، والتكامل الاقتصادي، والإشعاع القاري والدولي، ولن يتأتى ذلك إلا باستكمال المشاريع الكبرى، التي تشهدها أقاليمنا الجنوبية، وتوفير الخدمات والبنيات التحتية، المرتبطة بالتنمية البشرية والاقتصادية، تسهيل الربط ، بين مختلف مكونات الساحل الأطلسي، وتوفير وسائل النقل ومحطات اللوجستيك؛ بما في ذلك التفكير في تكوين أسطول بحري تجاري وطني، قوي وتنافسي، ومواصلة العمل على إقامة اقتصاد بحري، يساهم في تنمية منطقة الصحراء المغربية ويكون في خدمة سامنتها؛ واقتراح تصور اقتصادي متكامل قوامه، تطوير التنقيب عن الموارد الطبيعية في عرض البحر، ومواصلة الاستثمار في مجالات الصيد البحري، وتحلية مياه البحر، والنهوض بالاقتصاد الأزرق، ودعم الطاقات المتجددة؛ واعتماد استراتيجية خاصة بالسياحة الأطلسية، قائمة على استثمار المؤهلات الكثيرة للمنطقة، قصد تحويلها إلى وجهة حقيقية للسياحة الشاطئية والصحراوية.
أما الركيزة الثانية لهذا المشروع فهي هيكلة الفضاء الأطلسي بمعطياته الجيوسياسية على المستوى الإفريقي، ون=تتأسس هذه الهيكلة على المعرفة الجيدة للرهانات والتحديات التي تواجه الدول الإفريقية والأطلسية منها على الخصوص. فالواجهة الأطلسية الإفريقية تعاني من خصاص ملموس على مستوى البنيات التحتية، بالرغم من مستوى المؤهلات البشرية ووفرة الموارد الطبيعية؛ ومن أجل ذلك يقترح جلالته عدة أدوات لتجاوز هذا المنعطف، وعلى رأسها:
إيجاد إجابات عملية للإشكالات المطروحة باعتماد الشراكة، يقول جلالته “وفي هذا الإطار، یندرج المشروع الاستراتيجي لأنبوب الغاز المغرب – نيجيريا. وهو مشروع للاندماج الجهوي، والإقلاع الاقتصادي المشترك، وتشجيع دينامية التنمية على الشريط الأطلسي، إضافة إلى أنه سيشكل مصدرا مضمونا لتزويد الدول الأوروبية بالطاقة. وهو نفس التوجه الذي دفع بالمغرب، لإطلاق مبادرة إحداث إطار مؤسسي، يجمع الدول الإفريقية الأطلسية الثلاثة والعشرين، بغية توطيد الأمن والاستقرار والازدهار المشترك”.
إطلاق مبادرة على المستوى الدولي، تهدف إلى تمكين دول الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي.
وعاد جلالته للحديث عن القيم المؤطرة لثقافة المغاربة، الروحية والوطنية والاجتماعية، وهي ما يميزهم عن غيرهم في عالم متقلب بشكل كبير، وقد جسدت المسيرة الخضراء هذه القيم العريقة؛ قيم التضحية والوفاء وحب الوطن، التي مكنت المغرب من تحرير أرضه، واستكمال سيادته عليها.
جلالة الملك أكد على أن حديثه عن الجدية، لا يعتبر عتابا؛ وإنما هو تشجيع على مواصلة العمل، لاستكمال المشاريع والإصلاحات، ورفع التحديات التي تواجه البلاد. وهو ما فهمه الجميع، ولقي تجاوبا واسعا، من مختلف الفعاليات الوطنية. وهي منظومة متكاملة من القيم، مكنت من توطيد المكاسب التي حققناها، في مختلف المجالات، لاسيما في النهوض بتنمية أقاليمنا الجنوبية، وترسيخ مغربيتها، على الصعيد الدولي.
هذا العمل الجاد تم تتويجه باعتراف العديد من الدول بمغربية الصحراء، وعبرت دول أخرى كثيرة وفاعلة، بأن مبادرة الحكم الذاتي، هي الحل الوحيد، لتسوية هذا النزاع الإقليمي المفتعل.

Exit mobile version