Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

خطاب جلالة الملك يضفي الجودة على البرنامج الحكومي ومنهجية التدبير العمومي

1 – الاشادة بالموعد الدستوري .

لقد مرت الانتخابات بنجاح وتميزت بالتنظيم الجيد والأجواء الإيجابية، وأن المشاركة الواسعة بالأقاليم الجنوبية كرست الخيار الديمقراطي المرن كمنهج لتقرير المصير السيادي للوحدة الترابية للمملكة المغربية .

ذلك ان التداول الطبيعي على تدبير الشأن العام هو الغاية من وجود انتخابات وليس فوز هذا الحزب أو ذاك، لأن جميع الأحزاب سواسية والمحك الحقيقي هو افراز كفاءات قادرة على مسايرة التحديات و تدبير القطاعات الحكومية بكل ما تحمله من صعوبات وتراكمات .

2 – الحكومة الجديدة محاصرة باستراتيجيات ثلاثية الابعاد .

جاءت حكومة عزيز اخنوش في الوقت الذي يدشن فيه المغرب مرحلة جديدة ، و تقتضي تضافر الجهود ، حول الأولويات الاستراتيجية ، لمواصلة مسيرة التنمية ، ومواجهة التحديات الخارجية، وذلك من خلال ثلاثة أبعاد رئيسية :

أ – تعزيز مكانة المغرب رغم المناخ الدولي المشحون .

حتى يتسنى للمغرب الدفاع عن مصالحه العليا ، لاسيما في ظرفية مشحونة بالعديد من التحديات والمخاطر والتهديدات، فان المؤسسات القوية ضرورية لرفع كل التحديات.

ب – مفاهيم سيادية جديدة.

لقد أبانت الأزمة الوبائية عن عودة قضايا السيادة للواجهة ، والتسابق من أجل تحصينها ، في مختلف أبعادها ، الصحية والطاقية ، والصناعية والغذائية ، وغيرها وهذا ما خلق تنافسا وصراعا دوليا جديدا تحركت معه حروبا تحدد معالم سيادة جديدة ،اظهرت تعصبا من طرف البعض . ذلك أن المغرب قد تمكن من تدبير حاجياته ، وتزويد الأسواق بالمواد الأساسية ، بكميات كافية ، وبطريقة عادية ، لكن العديد من الدول سجلت اختلالات كبيرة ، في توفير هذه المواد وتوزيعها .

ج – إحداث منظومة وطنية للمخزون الاستراتيجي .

تقتضي التحولات المتسارعة ضرورة إحداث منظومة وطنية متكاملة ، تتعلق بالمخزون الاستراتيجي للمواد الأساسية ، لاسيما الغذائية والصحية والطاقية ، والعمل على التحيين المستمر للحاجيات الوطنية ، بما يعزز الأمن الاستراتيجي للبلاد .

د – ربط تدبير الأزمة الوبائية بمواصلة إنعاش الاقتصاد .

ان المجهودات التي بذلت لحماية صحة المواطنين، وتقديم الدعم للقطاعات والفئات المتضررة، وتوفير اللقاح بالمجان، الذي كلفها الملايير، وكل الحاجيات الضرورية، للتخفيف على المواطن من صعوبة هذه المرحلة ، أظهرت تفوق المغرب وتبقى مسؤولية المواطنين قائمة في حماية أنفسهم وأسرهم، بالتلقيح واستعمال وسائل الوقاية، واحترام التدابير التي اتخذتها السلطات العمومية.

ه -انتعاش الاقتصاد رغم الازمة الوبائية .

عرف الاقتصاد الوطني انتعاشا ملموسا، رغم الآثار غير المسبوقة لهذه الأزمة، وتراجع الاقتصاد العالمي عموما. فبفضل التدابير التي اطلقها جلالة الملك من المنتظر ارتفاع النمو بنسبة تفوق 5.5 في المائة سنة 2021. وهي نسبة لم تتحقق منذ سنوات، وتعد من بين الأعلى، على الصعيدين الجهوي والقاري.

ومن المتوقع أن يسجل القطاع الفلاحي، خلال هذه السنة، نموا متميزا يفوق 17 في المائة، بفضل المجهودات المبذولة لعصرنة القطاع، والنتائج الجيدة للموسم الفلاحي.

كما حققت الصادرات ارتفاعا ملحوظا، في عدد من القطاعات، كصناعة السيارات، والنسيج، والصناعات الإلكترونية والكهربائية.

ورغم تداعيات هذه الأزمة، ارتفعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة، بما يقارب 16 في المائة؛ وزيادة تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج، بحوالي 46 في المائة، إلى غاية شهر غشت الماضي.

وقد ساهمت هذه التطورات، في تمكين المغرب من التوفر على احتياطات مريحة، من العملة الصعبة، تمثل سبعة أشهر من الواردات وذلك كله بفضل الثقة التي ينالها المغرب رغم الصعوبات والتقلبات، التي تعرفها الأسواق العالمية، فقد تم التحكم في نسبة التضخم، في حدود 1 في المائة، بعيدا عن النسب المرتفعة لعدد من اقتصادات المنطقة.

والدولة من جهتها، ستواصل هذا المجهود الوطني، لا سيما من خلال الاستثمار العمومي، ودعم وتحفيز المقاولات.

وفي هذا السياق الإيجابي، ينبغي أن نبقى واقعيين، ونواصل العمل، بكل مسؤولية، وبروح الوطنية العالية، بعيدا عن التشاؤم، وبعض الخطابات السلبية.

3 – حكومة التنزيل الفعلي للنموذج التنموي كبعد استراتيجي .

ان المرحلة مرتبطة بإطلاق مجموعة متكاملة، من المشاريع والإصلاحات من الجيل الجديد.

وستكون هذه الولاية التشريعية، منطلقا لهذا المسار الإرادي والطموح، الذي يجسد الذكاء الجماعي للمغاربة ، لأن النموذج التنموي ليس مخططا للتنمية، بمفهومه التقليدي الجامد، وإنما هو إطار عام، مفتوح للعمل، يضع ضوابط جديدة، ويفتح آفاقا واسعة أمام الجميع. ويشكل “الميثاق الوطني من أجل التنمية”، آلية هامة لتنزيل هذا النموذج؛ باعتباره التزاما وطنيا أمامنا، وأمام المغاربة.

4 – مطالبة الحكومة بتعبئة الموارد المالية لتنزل النموذج التنموي.

إن النموذج التنموي يفتح آفاقا واسعة، أمام عمل الحكومة والبرلمان، بكل مكوناته.

والحكومة الجديدة مسؤولة على وضع الأولويات والمشاريع، خلال ولايتها، وتعبئة الوسائل الضرورية لتمويلها، في إطار تنزيل هذا النموذج.

وهي مطالبة أيضا، باستكمال المشاريع الكبرى، التي تم إطلاقها، وفي مقدمتها تعميم الحماية الاجتماعية، التي تحظى برعاية جلالة الملك . وذلك بالقيام بتأهيل حقيقي للمنظومة الصحية، طبقا لأفضل المعايير، وفي تكامل بين القطاعين العام والخاص.

وهو نفس المنطق، الذي ينبغي تطبيقه، في تنفيذ إصلاح المؤسسات والمقاولات العمومية، والإصلاح الضريبي، وتعزيزه في أسرع وقت، بميثاق جديد ومحفز للاستثمار.

5 – السياسات العمومية عنوان الالتزام الحكومي بالنموذج التنموي .

ترتبط السياسات العمومية بالمعطيات التي تتوفر عليها المندوبية للتخطيط، وعليه يجب الحرص على المزيد من التناسق والتكامل والانسجام، بين السياسات العمومية، ومتابعة تنفيذها.

لذا، دعا جلالة الملك لإجراء إصلاح عميق للمندوبية السامية للتخطيط، لجعلها آلية للمساعدة على التنسيق الاستراتيجي لسياسات التنمية، ومواكبة تنفيذ النموذج التنموي، وذلك باعتماد معايير مضبوطة، ووسائل حديثة للتتبع والتقويم.

– تزامن الولاية التشريعية مع مرحلة واعدة ودقيقة.

تحمل هذه المرحلة كل من

الحكومة والبرلمان، أغلبية ومعارضة، كامل المسؤولية مع جميع المؤسسات والقوى الوطنية، في إنجاح هذه المرحلة، من خلال التحلي بروح المبادرة، والالتزام المسؤول.

هذا وقد جاءت حكومة عزيز أخنوش في مرحلة تؤسس لمنطق تغليب طابع التنفيذ لاستراتيجيات و للنموذج التنموي مهما اختلفت مرجعيات احزاب التحالف الحكومي وهي مرحلة تخطي ضعف البرامج المرحلية والتي تنتهي غالبا بنهاية الولاية التشريعية .

بقلم الأستاذ أحمد الدرداري

Exit mobile version