Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

درب الشلوح فضاء فني يرصع مهنة إصلاح الآلات الموسيقية

 في فضاء ينضح بعبق التاريخ في المدينة القديمة للدار البيضاء ، تنتصب العديد من المحلات الخاصة بإصلاح وتسويق الآلات الموسيقية، في مشاهد تحيل على زمن ممتد من الأنشطة، التي ساهمت في إنعاش المشهد الفني الموسيقي ، مع منح متعة لعشاق النغم بمختلف تلاوينه.

هذا الفضاء المسمى ” درب الشلوح ” يستقطب يوميا العديد من الباحثين عن اقتناء آلات موسيقية أو إصلاحها ، بالنظر لشهرته التي تجاوزت ما هو محلي لتعانق آفاقا وطنية وعربية وحتى أجنبية ، وذلك بالنظر لجودة بعض الآلات الموسيقية المصنعة محليا، التي ذاع صيتها مثل العود المغربي ، والرباب الأمازيغي والمانضولين، والوتار المغربي بمختلف أشكاله وأحجامه .

لكل قادم ل” درب الشلوح ” الشعبي مآرب حسب حاجاته ، لكن الذين يترددون على محلات إصلاح وتسويق الآلات الموسيقية لهم هدف محدد يتمثل إما في البحث عن آلة موسيقية محلية أو مستوردة تحمل مواصفات معينة ، أو إصلاح عطب في آلة من أجل مواصلة نشاط فني له صلة بالموسيقى ، التي يقال عنها إنها تنعش الروح وتعطيها الحياة .

في هذه الفضاءات ، التي تعد نموذجا لفضاءات أخرى تسوق آلات الموسيقى وتصلحها بالدار البيضاء وغيرها من المدن ، تتزين المحلات بمختلف الآلات منها سيد الآلات ” العود” بأصنافه ، والوتار بأشكاله ، والرباب الأمازيغي ببهائه ، والمانضولين ، والكمان ، والهجهوج ، والغيتارة ، ومختلف آلات النفخ ، علاوة على أصناف مختلفة من البندير، والطبل والطعريجة وغيرها .

فبعض هذه الآلات معد للبيع ، وبعضها في طور التصنيع ، كما أن آلات أخرى توجد في طور الإصلاح ، وهو ما أسر به لوكالة المغرب العربي للأنباء السيد سعيد لحلو ( تاجر مختص في إصلاح الآلات الموسيقية وصناعة المانضولين)، الذي يمارس هذا النشاط لأزيد من أربعين سنة ، وله محل تجاري بدرب الشلوح إلى جانب محلات أخرى تزاول النشاط نفسه .

فعمليات الإصلاح ، التي تهم آلات من صنع محلي وحتى مستوردة ، كما قال ، تركز على أعطاب في الأوتار أو مختلف مكونات الآلات بشكل يعيدها لوضعها الطبيعي ، ويجعلها قابلة للعزف أو النقر أو النفخ بشكل جيد، لافتا إلى أن هذا النشاط يتطلب دراية خاصة بمكونات الآلات ، ومعرفة فنية موسيقية ، وكأنه يحيل إلى ما جاء على لسان إمام الأدباء في العصر العباسي ، الجاحط الكناني ، الذي قال يوما ” إن الموسيقى كانت بنظر الفرس أدبا ، وبنظر الروم فلسفة ، أما بنظر العرب فقد أصبحت علما “.

وما دامت الآلات الموسيقية هي عماد الإنتاج الفني الغنائي سواء الاحترافي أو الهاوي ، يضيف السيد لحلو ، فإن وجود محلات لإصلاحها يساهم في إنعاش المشهد الموسيقي ، خاصة في ظل الإقبال الكبير على اقتناء آلات موسيقية .

وينطوي هذا النشاط على قصص وحكايات ، لا يزال السيد لحلو يتذكرها جيدا ، منها تردد فنانين وملحنين مغاربة وعرب ، وأساتذة معاهد الموسيقى ، وشباب ، وبعض عشاق الموسيقى على محله التجاري ، منهم الفنان الراحل محمود الإدريسي ، والمهدي عبدو شقيق عائشة الوعد ، وغيرهم ، وذلك من أجل اقتناء أوتار أو إصلاح آلات ، أو اقتناء بعضها خاصة تلك التي تصنع محليا ، مثل المانضولين كالذي تستعمله مجموعة لمشاهب .

ومن الآلات التي تجد إقبالا كبيرا من حيث تسويقها ، آلة العود التي تصنع محليا ، حيث لفت السيد لحلو إلى أن المغرب يحتل مراتب مهمة في صناعة آلة العود

Exit mobile version