في صباح هادئ ظاهريًا على شاطئ أكادير، وبين ضجيج الأمواج وخطوات المصطافين الباحثين عن نسمة صيف، طفا على السطح مشهد لم يكن في الحسبان: دلفين نافق، يبلغ طوله قرابة مترين، جرفته المياه إلى اليابسة، ملقيًا بجسده الصامت على الرمال في لحظة مؤثرة حبست أنفاس الحاضرين.
الدهشة سكنت الوجوه، والأسئلة انفجرت بلا أجوبة. هل كان مريضًا؟ هل ابتلع شيئًا قاتلًا؟ أم أن البحر لفظه لأن هناك ما لم يعد يُحتمل في أعماقه؟
لم يتأخر تدخل السلطات المحلية ومصالح البيئة المختصة، التي عاينت الواقعة وسجّلت محضرًا أوليًا، تمهيدًا لاتخاذ ما يلزم من خطوات بيئية وتقنية، وفقًا للإجراءات المعتمدة في مثل هذه الحوادث.
لكن الواقعة، في عمقها، ليست مجرد حادث عرضي. إنها حلقة جديدة في سلسلة نفوق غامضة ومتكررة للدلافين والحيتان والأسماك الكبرى، في عدد من السواحل المغربية، من الشمال إلى الجنوب. وقد دفعت هذه الحالات المتتالية الناشطين البيئيين إلى دق ناقوس الخطر، وتجديد مطالبهم بفتح تحقيقات علمية ميدانية، لمعرفة ما إذا كان الأمر مرتبطًا بـتلوث المياه، أو اختلالات في السلسلة الغذائية البحرية، أو ربما بتغيرات مناخية بدأت تضرب التوازن البيئي في العمق.
الرسالة كانت واضحة، وإن جاءت هذه المرة عبر جثة دلفين. البحر لم يعد كما كان، والحياة داخله باتت أكثر هشاشة. من هنا، تتصاعد الأصوات المطالبة بـتفعيل المراقبة البيئية المستمرة، وتعزيز البحوث البحرية، لحماية التنوع البيولوجي من الزوال الصامت.