Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

دمنا وعيوننا يا وطني…بيارق في وجه المحن

مصطفى المنوزي*
اليوم، نُحيي ذكرى ليست مجرد ألوان على قماش، بل دماء وأحلام رُسمت على رايات حملها آباؤنا وأجدادنا في زمنٍ كان فيه رفع العلم المغربي جريمةً يعاقب عليها الاستعمار. هذه الرايات نفسها التي خرجت في مظاهرات الاستقلال، مُغرقةً بدماء الشهداء، هي نفسها التي نرفعها اليوم في مرافقنا الوطنية. فكيف يُعقل أن تُفتتح منشأة رياضية كـ”الملعب الشرفي” في مركب محمد الخامس دون أن تُرفع عليها ولو علم مغربي واحد ؟

إنها ليست إهمالاً إدارياً عابراً، بل جرحاً في الذاكرة ، فمن يُقصّر في رفع العلم اليوم، كمن ينسى أن هذا الرمز كان يوماً سبباً في سقوط شهداء ، المسؤولية هنا ليست قانونية فحسب، بل أخلاقية وتاريخية. كيف نُطالب الأجيال الجديدة بالوفاء للوطن إن نحن فرّطنا في أبجديات الاحترام لرموزه؟

وفي الصور ، هذه الرايات التي استخرجناها من الأرشيف العائلي، ليست للزينة أو الحنين، بل هي شهودٌ على عهدٍ بين الأموات والأحياء:
اولا – شهادةٌ على أن الحرية التي نتمتع بها اليوم لم تُوهب، بل اُشتُريت بدماء الأبرياء .
ثانيا – وعدٌ بأن الكرامة الوطنية ليست شعاراً، بل التزاماً يومياً يُقاس باحترامنا لرموز الدولة في كل المحافل.
ثالثا – نداءٌ لأن نكون عند مستوى تضحيات الماضي، فلا نتهاون في حقوق الحاضر .
إن تقصير المسؤولين عن رفع العلم في مناسبة رياضية رسمية – إن صحّ الأمر – ليس خطأً إدارياً يُعالج بتنبيه، بل انتهاكٌ لمبدأٍ أساسي: لا يمكن فصل الرياضة عن الهوية، ولا المستقبل عن الذاكرة . نطالب بمحاسبة أي جهة تفرّط في هذا الجانب، لأن المساءلة هنا ليست إجراءً روتينياً، بل ردّ دينٍ لمن صنعوا هذا العلم بدمائهم.
واليوم، نرفع هذه الرايات القديمة كرسالة: للمسؤولين : “اتقوا الله في رمزية الدماء التي تحملونها فوق مباني الدولة”. وللشباب نقول : “حافظوا على هذا الإرث، فالنضال لم ينتهِ، بل تغيرت أدواته”. وللتاريخ : “سنظل أوفياء، وسنُذكر الجميع بأن الراية التي رُفعت بالدم، لا تُنزل بالإهمال”.
وإن “الوطنية ليست حبراً في دستور، بل دمٌ في العروق. والراية التي لا تحترمها اليوم بأدق التفاصيل، كيف ستُدافع عنها غداً إذا احتاج الأمر؟”.
قيل لنا بأن اقمصة فريقي الرجاء ( لونها أخضر ) والوداد ( لونها أحمر ) قد تعوض ، قلنا لسنا ندري بأي لون لعب الفريقان ، ومع ذلك تظل الراية رمزا وطنيا يؤطره الدستور ، ولأن المناسبة شرط فالأعلام التي في الصورة أخرجت من خزينة العائلة وهي ما تبقى من الرايات التي كانت في صندوق خاص مودع بالنادي الكائن في زنقة كاني بان رقم 37 حيث شيدت لاحقا العمارة موضوع قرار الهدم ، والذي كان قد وهبه الفقيد الحاج علي المنوزي مقرا للإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية لفرع المدينة خلال الإستحقاقات الجماعية سنة 1976، ( وتجدر الإشارة أنه في هذه الدائرة الإنتخابية التي فاز بها الفقيد الحاج علي المنوزي ورفيق دربه مولاي عبد السلام الغزواني مرشحين باللون الحجري في الإنتخابات البلدية للدلرالبيضاء سنة 1960 وكان مستشارا تحت رئاسة الفقيد المعطي بوعبيد يوم كان اتحاديا ) ، وفاز المنوزي بمقعد في نفس الدائرة في الإنتخابات الجماعية لعين الذئاب سنة 1976 مباشرة بعد مغادرته السجن العلني بعد أن قضى مدة طويلة في المعتقل السري كوربيس منذ اختطافات ثالث مارس 1973 … والإستحقاقات التشريعية سنة 1977 ، قبل أن يتم نقل مقر الفرع إلى قيسارية البركة بدرب عمر سنة 1979 ، وقبل أن ينقل إلى عنوان بالقرب من الميعارة ( المقبرة العبرية ) بالبحيرة الجديدة ( عرصة للا رحمة ) ، فرحم الله المناضل لشهب بائع الزيتون ، والمناضل محمد فلاحي ، والحاج علي المنوزي واللائحة طويلة بطول نفس النضال وشساعة روح الصمود والمقاومة وكذا الروح الوطنية التي كانت تنقص العرس الكروي ، وهي ثالث الأخطاء في نفس الأسبوع ، بعد خطأ البلدية التي أضاعت سجل التراث الجماعي للدارالبيضاء في غمرة نقع جرافات هدم الذاكرة البيضاوية الجمعية بأبعادها الوطنية .

*منسق دينامية ضمير الذكرة وحوكمة السرديات الأمنية

Exit mobile version