Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

ديبلوماسية التربية انطلاقا من الشخصية

سناء البوعزاوي
لكل من يهمه أمر التربية المثلى لإخراج خير أمة و نشئ صالح، عليه أن يبدأ بالأساس الأول و الركيزة الأساسية في عالم التنشئة و علم التربية الإيجابية ألا وهي “معرفة شخصية طفلك و كيفية التعامل معها ، لأن العديد من الأمهات و الآباء الذين هم في بحث مستمر ودائم عن الخلل في محاولة تقويم أبنائهم ، يشتكون من عدم استجابة أطفالهم لأساليب تربيتهم ، بالرغم أن هاته الأساليب و الطرق مستقاةمن كتب السيرة النبوية وعلماء التربية ونصائح أخصائيين في المجال إلى غير ذلك ، لكنهم في بعض الأحيان يستسلمون أو يقيمون هاته النصائح و المعلومات بالغير الناجعة ! الشيء الذي يكون بعيدا كل البعد عن الحقيقة فالواقع هو أننا لا يمكن أن ننتظر من شجرة أن تعطي فاكهتها أو ثمرتها بمعنى أصح، دون أن نتعرف على تربتها و خاصيتها ، هل هي من النبات الذي يحتاج إلى السقي الدائم أو هي تحب أن تروى قليلا فقط ؟ هل هي من النوع الذي يحب أن يترعرع في الظل أو في الهواء العليل ؟ فلا بد من دراسة الخاصية ، و الطباع أولا !
شخصية طفلك هي خاصيته التي لا محادة عنها و التي إذا أردت أن تغيرها ستكسره و هذا الكسر قد ينجم عنه ما لا يحمد عقباه ، بل على العكس ، يجب الإفتخار بشخصية طفلك كيفما كانت فهي تميزه و تفرده و هي التي ستصحبه طول حياته ، فمن الواجب علينا كآباء أن نتعرف على شخصية أطفالنا ، فهي المفتاح الذي يسهل لنا طريقة التعامل معهم ، فنزيل القبيح منها و نعزز الجميل فيها .
في مقالنا هذا سنتعرف على مختلف شخصيات الأطفال و التي قسمها علماء النفس إلى أربعة سلوك و أنماط رئيسية مختلفة :
أولا ؛شخصية الطفل العنيد : و هي واحدة من أصعب الشخصيات و أكثرها حدة في التعامل ، حيث يكون الطفل متسما بالعناد متمسكا بآرائه و قراراته و لا يقبل أن تخالفه الرأي بل يمكن أن يتمادى إلى فعل عكس ما تطلبه منه إشارة منه إلى أنه لديه القدرة على التمييز ، و أنه على حق فيما يطلبه، فيتمرد عليك . فالحل الناجع لهذا السلوك أن يكتم أولا الآباء غضبهم اتجاه الطفل العنيد و التصرف بذكاء حيال طلباتهم ، كأن تخيره بين شيئين هما في الحقيقة لمصلحته ، ولكن أن تخبره بصفة غير مباشرة ، أنه هو الذي اختار ما يناسبه و أنك لم تجبره على شيء لا يحبه، لأن السب و الغضب أو الضرب لن يزيد إلا الطين بلة .
فبعد أن تهدأ الأجواء ، من المستحب أن تجلس معه ، وتناقش معه أن هذا السلوك لا تحبذه ، و اشرح له أن الصراخ لا يؤدي إلى حل ، ودائما ردد له أنك تحبه حتى يلين .
ثانيا : شخصية الطفل الخجول والحساس؛ و هي شخصية منفردة بالهشاشة و الرقة حيث أن الطفل يتأثر على أتفه الأسباب، وقد تصل به إلى ذرف الدموع ولو أن الأمر بالنسبة لك كراشد لا يستحق هذا الحجم من التأثر، وسلبية هاته الشخصية هي أن الطفل يصبح انطوائيا ، ويمكن أن يؤثر حتى على علاقته مع أصدقائه الذين هم في سنه ، أو حتى في المدرسة لا يستطيع المشاركة في القسم أو الإجابة عن أسئلة الدرس بالرغم من توفره على الإجابة ، لأن الخجل يطبع شخصيته و يضعفها .
هذا النوع من الشخصية يجب أن تحتضنها و تعاملها بلين ورفق و تناقش مع طفلك الحساس أخطاءه بهدوء وتبين له مكامن قوته ، وتمدحه كثيرا عندما يحسن صنعا، فهذا له وقع كبير على نفسيته وسيطرأ على شخصيته تقدم ملموس و ملحوظ، لأنه مع الوقت سوف يعزز الثقة بنفسه ويخرج من دائرة الخجل ، لكن نقطة مهمة يجب الإشارة إليها، هو أن الطفل الخجول إذا كان انطوائيا لا تجبره على التحدث مع الأشخاص رغما عنه ، و لا تعامله بقسوة فتكسر نفسيته بل فقط حاول إدماجه في حياتك و انشغالاتك و أعمالك المنزلية و شيئا فشيئا اجعله يلتقي بأطفال العائلة المتقاربين معه في السن حتى يتحرر و يخرج من قوقعته .
ثالثا هناك شخصية الطفل الأناني و هو الطفل الذي تراه دائما يتخذ ببراءة الأطفال سلوك “أنا و بعدي الطوفان” ، فتراه دائما ينزع لإخوانه دائما هداياه المفضلة، دون أن يهتم لقلقهم أو مشاعرهم ، فالتصرف الحكيم مع هذا النوع من الشخصية ، هو عدم الإفراط في الدلال و قول “لا” في الوقت المناسب ، و اجعله يرى و يلاحظ إن كان لديه إخوة طريقتك في العدل بينهم؛ فمثلا إذا اشتريت هدية حاول أن تكون قدر الإمكان نفس الحجم ، ونفس اللون ،ونفس القيمة تقريبا ، هاته الحيثيات الصغيرة تخلق أثرا كبيرا بين الإخوة ، فلا بد أن تنتبه مع الطفل الأناني إلى التفاصيل الصغيرة حتى تقول له بلغة التعامل ، أنك مثلك مثل إخوتك ، و أن العدل هو أساس تربيتنا .
حاول كذلك أن تدمجه في أنشطة جماعية ،حيثيساعد اللعب على تطوير الطفل من خلال تنمية مهاراته الحسية والحركية والاجتماعية واللغوية والمعرفية والانفعالية وسيعلمه أكثر حلاوة المشاركة و حب الفريق و اقتسام الأشياء و اللحظات كذلك ، وبهاذا ينزع صفة الأنانية من نفسه شيئا فشيئا .
الشخصية الرابعة و هي شخصية الطفل السلبي، وهو الطفل الذي لا يتفاعل مع من حوله سواء كان ذلك في حديث أو نشاط ، و في أغلب الأحيان يكون المشكل نابعا من الإدمان على الجلوس أمام التلفازأو مختلف الشاشات لمدة طويلة ، فيصبح شخصا سلبيا لا يتفاعل مع محيطه ، وهذا أمرجدا سيء ، فإذا كنت تظن أن طفلك يتسم بهاته الشخصية ، فحاول أن تشركه في حياتك اليومية و علمه الإعتماد على نفسه بذكاء ، كأن تتيح له فرصة إحضار فطوره البسيط ، أو ترتيب غرفته و ألعابه ، و أعمال أخرى خفيفة غير مؤذية ، فتقلص بذلك له الوقت الذي يقضيه أمام التلفاز ، و حاول قدر الإمكان مشاركته في الأشياء التي يحبها كالتلوين مثلا أو سرد قصصه المفضلة.
وختاما ، يمكن أن يكون طفلك خليط و لو بنسبة قليلة من كل هاته الصفات ، فيجتمع فيه ما تفرق في غيره، كأن يكون الطفل عنيدا ، و أنانيا و تارة أخرى سلبيا ،و في بعض المواقفحساسا ، فمهمة الآباء أن يكونوا على دراية بكل هاته الشخصيات حتى يتسنى لهم التعامل معها ، و كن على يقين أنه ليس هناك أسمى من مجهود مبذولفي سبيل تربية الناشئة ، وبتوفيق من الله تعالى سيبلغ كل أب و أم المراد .و كما جاء في مقولة شهيرة لجون جاك روسو
“اتبعوامعالنشءالطريقةالعكسية؛وهيأنيشعرالنشءبأنههوصاحبالاختيار،فلاتوجداستجابةوتكريسإلابالشعوربأنالمرءحرفيمايتعلمه،هذاهوالتكريسالحقيقي”.

Exit mobile version