Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

ديمُكراسِي) و(دهماء الكراسي) ثمّ لا مجال لِلمُقارنة

محمد فارس

تَدور الآن ملحَمة [الدِّيمُكراسي] أي الديمُقراطية في [بريطانيا] العظمى، وتدور في الوقت نفسه مَهْزلة [دهماء الكراسي] في بلادنا وهذه التّسمية الغريبة للديمقراطية هو ما أسماه المفكر المغربي [السّرفاتي]: الدّيموفاشية، وعالم المستقبليات الدكتور [المهدي المنجرة]: الذّلقراطية، وللتذكير فقط، فإن ملحمة [الديمقراطية] في (بريطانيا) بدأتْها الصحافة التي لا تقل أهمِّية عن البرلمان، لأنّها عنصُر فاعل في السياسة حيث لها دُورُها ومقراتها ورأيُها في الشّأن السياسي مِمّا يجعلها مُهابةَ الجانب كما قال الفيلسوف البريطاني [كَارْلاَيْل]؛ لقد نشرتِ الصحافة البريطانية مساوئ رئيس الوزراء [بوريس جونسون]، وخرج الشعب البريطاني للتظاهُر أمام مقره وهو يحمل لافتةً مُلْفِتة للنّظر تقول: [Go Aout] يعني (إرْحَل!)، على إثر ذلك، بدأ وزراؤُه يقدمون استقالتهم الواحد بعد الآخر، ولـمّا سُئِلوا عن السّبب كان ردّهم صريحًا ومُقْنِعًا إذ قالوا: [لا نُريد أن نكون شركاء في سياسة خاطئة]، وبعد حين، قرّرَ حزبُه في البرلمان حجْبَ الثِّقة عنه، ولم يقُلْ إنّ موقفه يتطابقُ مع موقِف (حزب العمّال) الـمُعارض كما يحدُث عندنا في [المغرب]، حيث يتذرَّعون بما يسمّونه: [المصلحة العليا للحزب]، وهل هناك يا تُرى مصلحة عُلْيا أَعْلاَ من مصلحة الوطن؟

وهنا قد يتساءل المواطن النّبيه قائلاً: [لماذا نجحت قولةُ (إرحل!) في [بريطانيا] وأخفقت في [المغرب]؟ والجواب واضح هو أن في [بريطانيا] هناك [ديمُكراسي]، ولكن في [المغرب] هناك [دهماء الكراسي]؛ في [بريطانيا] هناك حِزْبان قويان وعريقان هما [حزب الـمُحافظين] و[حزب العمال]، أما في بلادنا، فهناك أحزاب غُثائية حتى لإنّك قد تعجِز عن تذكُّرِها كلِّها لكثْرتها الفاحشة، ولا أَثَر فيها للديمقراطية الداخلية حتى لإنّ الزعيم يبقى مدى الحياة على رأس الحزب، وهذه الأحزاب ينتمي إليها الجهلاءُ والانتهازيون، و[دهماء الكراسي] وهُم الذين يشكّلون الأغلبية في البرلمان، ومنهم يتمّ اختيارُ الوزراء الفاشلين؛ فالديمقراطية ليست تسمية لشيء لا مُقابل له في الواقع؛ الديمقراطية منهج، وعقيدة، وعندما تدخل البلاد، لابدّ أن تصاحبَها [أَكْسِيسْواراتُها] الضرورية، وإلاّ أمسَت مُجرد لفظة من أشباه الألفاظ كما هو حاصلٌ في بلادنا للأسف الشديد؛ لذا ترى الأحزاب لا دَوْرَ لها، والبرلمانَ لا أهمّيةَ له، وهو يعجّ بأناس دورُهم رفْع الأصابع عند أدنى إشارة، وإعلاما مُضلِّلا يتحدّث عن مؤسسات لا وجودَ لها كواقع، وكفعل، وكدور تَلعبُه في العملية، وهنا تَحضرني أغنية للمغنّي الفرنسي [ليُو فيرِّي] حيث يقول: [c’est rapé votre démocratie]، وهذا ما نقوله بخصوص ديمقراطيتنا التي هي مجرد لفظة من أشباه الألفاظ التي لا مُقابل لها في الواقع..

فالسيد [أخنوش]، مع احترامنا له، ليس رجل المرحلة بدليل إخفاقاته عندما كان وزيرًا طيلة عشر سنوات، وعبارة [إرْحل!] التي سمعها كانت في أحد معاقلِه الانتخابية يعني [أغادير]، والشعب قالها دون أن يتزعّمَه زعيم أو مُحرِّض، بل كانت تلقائية تمامًا وصادقة وصريحة.. لوْ كان الوزراءُ ديمقراطيين حقّا وصدْقًا لاستقالوا تِباعًا لكي لا يكونوا شركاء في سياسة خاطئة؛ لو كان حزبُه حزبًا ديمقراطيا لوقف نَفْسَ الموقف الذي وقفه [حزبُ المحافظين] في [بريطانيا] من رئيس الوزراء [بوريس جونسون]؛ لو كان البرلمانُ يمثّل الشعب لكان له موقف مشرّف والحالة هذه، ولكن هذا البرلمانُ كما سمّاهُ جلالة الملك [الحسن الثاني] طيّب الله ثراه في أواسط التسعينيات: [سيرك]، وتفاقم ضُعْفه حتى صار اليوم بِمثابة [گورْنَة]، وقد خاطبهم جلالة الملك [محمد السادس] حين قال لهم بصريح العبارة: [إِتَّقُوا الله في هذه الأمّة]، وهي عبارة تستبطن حقيقةً وهي أنّ أُناسًا في البرلمان لا مكانَ لهم ولا يستحقّون مقعدًا تحت القُبّة، فهل فَهِموا العبارة، واستوعبوا دلالتَها؟ الجواب: كلاّ! فهؤلاء مجرّد [دهماء الكراسي]، وعُبّاد المناصب لما تُدرّه عليهم من دخْل شهريًا دون كفاءَة أوْ عِلم أو حِكْمة، فهم مجرّد ممثِّلين لمسرحيات هزلية تقاطَعُ بتصفيقات [la clame]، وتنقُلها وسائل إعلام التضليل، ويَنثُر فيها شِعْرًا شعراءُ التّكسب و[الطّبالة] و[المزمِّرون] بأُجْرة..

 

 

 

 

Exit mobile version