تحل ذكرى المسيرة الخضراء، في عز الانتصارات الديبلوماسية التي يقودها جلالة الملك محمد السادس، وترسيخ الموقف المغربي و المبادرة المغربية في الحكم الذاتي أمام دول العالم، وجعل قضية الصحراء المنظار التي يرى به المغرب اصدقائه و اعدائه في تطور قوي للعلاقات الدولية، يخوضها اغلمغرب بتباث و عزم على الانتصار و على الحفاظ على وحدة أراضيه في معركة يقودها بشجاعة جلالة الملك محمد السادس حفظه الله، وتظهر للعالم قوة وحنكة جلالة الملك في الدفاع عن وحدة الأراضي المغربية.
و يخلد الشعب المغربي، الأحد، بمظاهر الفخر والاعتزاز، الذكرى السابعة والأربعين للمسيرة الخضراء المظفرة، حيث يمثل هذا الحدث المتجذر في تاريخ المملكة منعطفا حاسما في مسار الكفاح من أجل استكمال الاستقلال الوطني وتحقيق الوحدة الترابية للمملكة، ومناسبة للتأكيد الجماعي المتجدد على مغربية الصحراء.
وجسدت المسيرة الخضراء، التي انطلقت في السادس من نونبر عام 1975، مبادئ تشبث المغاربة بترابهم الوطني والتحام الشعب بالعرش، وإجماع كافة فئات وشرائح المجتمع المغربي على الوحدة، ومثالا يحتذى عن نبذ العنف والتشبع بقيم السلام، وقد عكس قرار المسيرة الخضراء السلمية حرص جلالة المغفور له الحسن الثاني على تجنيب المغرب والمنطقة حربا مدمرة، وتكريس مبدأ الحوار من أجل تسوية النزاعات.
ومهدت المسيرة الخضراء المظفرة لانطلاق مسلسل البناء والتنمية بأقاليم المملكة الجنوبية، حيث بدأت تعبئة وطنية حقيقية من أجل النهوض بمختلف آليات التنمية بهذا الجزء الأصيل من التراب الوطني بغرض محو مخلفات المرحلة الاستعمارية وتمكين هذه المناطق من بلوغ ركب التنمية على غرار باقي جهات المملكة، ولتحقيق هذه الغاية، تم إطلاق مشاريع تنموية كبيرة، وضعت رفاه المواطن في صلب الأولويات، وهو ما مهد الطريق أمام تحول عميق في الأقاليم الجنوبية.
وتم إرساء هذا التحول الجذري على أسس متينة أقامتها المملكة لتطوير البنيات التحتية الحيوية في منطقة لم تشهد أي تنمية اقتصادية أو اجتماعية خلال فترة الاحتلال الإسباني، حيث تعيش الأقاليم الصحراوية اليوم، وبعد ما يزيد عن أربعة عقود من استرجاعها، على وقع دينامية متجددة تهم كافة مجالات التنمية.
وهمت هذه الدينامية الشاملة عدة قطاعات، منها على الخصوص، التعليم والصحة، والتهيئة الحضرية، والطرق والماء والطاقات المتجددة والفلاحة والنقل، والسياحة والتشغيل، والصناعة التقليدية، والصيد البحري، والبيئة والثقافة.
وترتكز هذه الجهود على الإرادة الملكية السامية لجعل الصحراء المغربية قطبا اقتصاديا مهما على المستوى الوطني والقاري والدولي، خاصة مع اعتماد النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية، الذي أطلقه صاحب الجلالة الملك محمد السادس في 2015، والذي تبلغ ميزانيته 85 مليار درهم.
وقد أدى هذا الزخم التنموي الذي تشهده أقاليم الصحراء المغربية إلى تحقيق تحسن ملحوظ في نموها الاقتصادي وجودة عيش ساكنتها، وهو ما يتجلى في الارتفاع المتواصل في معدل الاستهلاك وتقليص الفقر والفوارق الاجتماعية، وتحقيق معدلات نمو تزيد بكثير عن المتوسط الوطني، بلغت خلال 2019 7,1 في المائة في جهة كلميم وادنون، و7 في المائة في العيون-الساقية الحمراء، و4 في المائة في جهة الداخلة – وادي الذهب.
أما على الصعيد الدبلوماسي، فقد حققت المملكة، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة انتصارات كبرى تدفع في اتجاه الطي النهائي للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
وشكل اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية التاريخي بمغربية الصحراء، واعتراف إسبانيا بالمخطط المغربي للحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية، والموقف الألماني الجديد تجاه المخطط، وافتتاح 27 دولة لقنصليات لها بمدينتي العيون والداخلة، تعبيرا رسميا للاعتراف الدولي بمغربية الصحراء وعدالة القضية الوطنية.
لقد شكلت المسيرة الخضراء المظفرة محطة تاريخية ذات دلالات عميقة تؤرخ لصفحات مشرقة من النضال الذي خاضه المغاربة، ملكا وشعبا، في مسيرة تحقيق واستكمال الوحدة الترابية، وحدثا يلهم الأجيال في النضال من أجل إعلاء صروح المغرب الجديد، وتعزيز مكانته المتألقة وأدواره الرائدة بين الأمم والشعوب.
ذكرى المسيرة الخضراء حدث يظهر عبقرية ملك وشجاعة شعب
