Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

رؤية جديدة لمحاربة الإرهاب

ليس بالقوة وحدها يمكن محاربة الإرهاب والجماعات التكفيرية والانفصالية والشبكات الإجرامية المنظمة. طبعا القوة عامل مهم في التصدي والردع، وفي هذا الشأن ينعقد بمراكش اليوم الأربعاء المؤتمر الدولي لتحالف هزيمة داعش، ورغم الأهمية الكبرى للعمليات العسكرية والأمنية في محاربة التطرف والإرهاب تبقى رؤية المغرب للموضوع منفردة ومتفردة. مقاربة تعتمد مسارات متعددة أولها المقاربة الأمنية التي اعتمدها المغرب منذ عقدين من الزمان، مصحوبة بمعالجات اجتماعية واقتصادية وخطة لإصلاح الحقل الديني.
في هذا السياق تضمن الخطاب الذي وجهه جلالة الملك محمد السادس، أول أمس الإثنين إلى أشغال القمة المنعقدة بأبيدجان حول الجفاف والتدبير المستدام للأراضي فقرة ينبغي أن يتم الاعتناء بها ودراستها لأنها تلخص كثيرا من العلوم في موقع وموضع واحد، حيث جمعت الجغرافية السياسية إلى الجغرافية إلى المناخ كعوامل متحدة في صناعة الإرهاب وبالتالي ينبغي قراءتها موحدة لمواجهته.
قال جلالة الملك “أصبح الأمن الغذائي والأمن الإنساني، والأمن بوجه عام، إلى جانب الأمن البيئي، موضوعا على المحك. فكل أرض تهجرها الحياة يستوطنها انعدام الأمن. وكما نرى اليوم، فالمناطق المعروفة بتدهور ظروفها البيئية بشكل بالغ، هي في الغالب، المناطق نفسها التي تندلع فيها الصراعات والنزاعات، ويضطر فيها السكان للنزوح والهجرة، وتسعى الجماعات الإرهابية والانفصالية إلى التسلل إليها”.
فالمغرب اعتمد منذ العام 2003 استراتيجية وطنية أمنية، واستباقية، ومندمجة، وشاملة ودائمة، تجعل من المملكة مرجعية عالمية، مرتكزة حول المقاربة الأمنية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، إضافة أيضا إلى إصلاح الحقل الديني وتكوين الأئمة.
الخطاب الملكي ركيزة فلسفية لأي معركة ضد الإرهاب والجماعات الانفصالية والشبكات الإجرامية، التي لا يمكن الفصل بينها، باعتبار أنها تدعم بعضها البعض وتتشارك في كثير من الأعمال.
الرؤية الملكية تنبني على قاعدة كونية، هي أن العمران يرفض الفراغ، وأي مكان فارغ يتم ملؤه بالكيانات المتوحشة، لأن العمران أساس التمدن، بينما الأماكن القاحلة تساعد على الخشونة والتوحش، وبالتالي تعتبر عاملا منتجا للتطرف والإرهاب، الذي هو خلاصة للتوحش.
فالمناطق المعروفة بتدهور ظروفها البيئية بشكل بالغ، هي في الغالب، المناطق نفسها التي تندلع فيها الصراعات والنزاعات، ويضطر فيها السكان للنزوح والهجرة. هذا يعني أن للجغرافية دورًا أساسيًا في إنتاج الإرهاب، كما أن للمناخ أيضا دورًا مماثلا. المناخ لما يكون غير ملائم يساعد على الهجرة، وهذه الأخيرة تعني فراغ الطبيعة، وبما أن القاعدة تقول إن الطبيعة ترفض الفراغ، فإن هذا الفراغ تملَؤُه التيارات المتطرفة، وهذا ما يظهر اليوم في منطقة الساحل والصحراء، حيث تنتشر الجماعات الإرهابية، مثل القاعدة وداعش وتبحث لها عن مواطئ أقدام بعد هزيمتها في الشرق، مستغلة الفراغ الذي تسببت فيه موجات الجفاف المتتالية.
الحل بيد إفريقيا، كما هي نظرة جلالة الملك دائما، أي أن تتكاثف الجهود لمواجهة آثار الجفاف التي هي ضمنيا مواجهة للإرهاب، وبهذا يكون جلالة الملك قدم نظرة فلسفية متكاملة من أجل إفريقيا بلا إرهاب.

Exit mobile version