Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

رمضان بين الغلاء والاستهلاك: تحديات اقتصادية تثقل كاهل الأسر المغربية

مع حلول رمضان كل عام، يجد المغاربة أنفسهم أمام تحدٍّ اقتصادي متزايد، إذ تستمر أسعار المواد الغذائية في الارتفاع، ما يزيد من الأعباء على الأسر، خاصة تلك ذات الدخل المحدود.

ورغم أن هذا الشهر يرتبط بالقيم الروحية والتكافل الاجتماعي، إلا أن واقعه الاقتصادي بات يفرض معادلة صعبة بين الحاجة إلى الاستهلاك والقدرة الشرائية المتراجعة.

التضخم يتجاوز حدود رمضان

لم تعد أزمة الأسعار مرتبطة فقط بالموسمية، بل أصبحت جزءًا من مشهد اقتصادي أوسع، حيث تشهد الأسواق ارتفاعًا متواصلاً في تكلفة المواد الغذائية، نتيجة عوامل مختلفة، منها ارتفاع أسعار المواد الأولية عالميًا وضعف توازن العرض والطلب.

وحسب بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، فإن التضخم المستورد منذ عامي 2022 و2023 أدى إلى ارتفاع غير مسبوق في الأسعار، دون أن يقابل ذلك تدخل فعال من الجهات المعنية لضبط السوق.

الإقبال المفرط وسوء التدبير

يرى خبراء أن أحد أسباب تفاقم المشكلة هو السلوك الاستهلاكي خلال هذه الفترة، حيث يزداد الطلب على بعض المواد الأساسية، ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار بين 2% و6%، حسب تقديرات الخراطي.

ورغم ذلك، لا يعود هذا الغلاء فقط إلى زيادة الطلب، بل يتفاقم بسبب المضاربات وغياب رقابة صارمة على الأسواق.

ويشير، رئيس المركز المغربي للمواطنة، إلى أن التضخم خلال رمضان ليس مجرد ظاهرة موسمية، بل جزء من اتجاه اقتصادي أعمق.

ويضيف أن الأسر المغربية تضطر إلى تخصيص جزء أكبر من ميزانيتها للمواد الغذائية، ما يزيد من الضغط المالي ويؤدي إلى تغييرات في أنماط الاستهلاك، حيث باتت العديد من العائلات تلجأ إلى تقليل الكميات المشتراة أو البحث عن بدائل أرخص.

من العوامل الأخرى التي تزيد من تفاقم الأزمة، ضعف الإنتاج المحلي نتيجة الظروف المناخية الصعبة، وهو ما يحدّ من توافر المنتجات في السوق الداخليه.

كما أن استمرار تصدير المنتجات الزراعية، رغم تراجع الإنتاج، يقلل من المعروض محليًا ويرفع الأسعار.

لكن المشكلة لا تقتصر فقط على قلة العرض، بل تتفاقم بفعل المضاربات والممارسات غير القانونية التي تنتهجها بعض الجهات لتحقيق أرباح مبالغ فيها.

وهذا ما يجعل الأسعار تقفز بشكل غير مبرر في بعض الأحيان، ما يدفع المستهلكين إلى البحث عن أسواق محلية أو قنوات بيع مباشرة لتجنب الوسطاء والحد من النفقات.

حلول ممكنة لتخفيف الأزمة

يرى المتخصصون أن مواجهة هذه الأزمة تتطلب إجراءات عملية، من بينها ضبط الصادرات الزراعية لضمان تلبية احتياجات السوق الداخلية أولًا، إضافة إلى إنشاء مخزون استراتيجي من المواد الأساسية لتفادي أي تقلبات حادة في الأسعار.

كما يدعو الخبراء إلى تشديد الرقابة على الأسواق لمنع المضاربات والاحتكار، إلى جانب رفع مستوى الوعي الاستهلاكي لتشجيع المواطنين على شراء ما يحتاجونه فقط، بدلًا من التخزين المفرط الذي يفاقم الأزمة.

في النهاية، يظل رمضان شهرًا للتآزر والتكافل، لكن التحديات الاقتصادية المتزايدة تفرض ضرورة التعامل بحكمة مع الموارد المتاحة، سواء من جانب الدولة أو المستهلكين، لضمان توازن السوق وتخفيف الضغط على الفئات الأكثر هشاشة.

 

Exit mobile version