Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

رمضان للاستثمار وليس للشجار

لقد مرت العشر الأوائل من شهر رمضان المعظم وككل سنة، نلاحظ نفس الطباع في بعض شوارعنا المغربية، المشاحنات والمشادات والغضب الشديد، خصوصا عند الازدحام المروري وكذا في الأسواق، ويمر الأمر مرور الكرام ليس لأننا اعتدنا عليه بل لذريعة واهية: إنه غاضب لأنه صائم، أو بالدارجة المغربية العامية “مرمضن”، في حين إن هذا مجرد مبرر يخفي صاحبه أنه غير قادر على التحكم في انفعالاته، والأمر الذي يزيد الطين بلة هو الإحساس بتأنيب الضمير لأنه يعرف في قرارة نفسه أنه لا يجوز مثل هاته التصرفات في الشهر الكريم، زيادة على رفع سقف التوقعات خلال شهر رمضان وانتظار تصرفات سليمة تماما من قبل الآخر.
يقول علماء النفس إن أسباب هاته الظاهرة ترجع لعدم التحكم في الغضب ووجود مشكلة في إدارة الانفعالات وعدم الاعتياد على ضبط النفس عند الانفعال.
ناهيك عن المشاجرات المنزلية الحادة بين الأزواج التي قد تبلغ ذروتها سويعات قبل الإفطار، أو تمتد إلى ما بعد أذان المغرب، حينما يبدأ أحد الأفراد في انتقاد طاولة الإفطار ومأكولاتها ويضرب عرض الحائط كل المجهودات المبذولة لساعات طوال فيحتدم النقاش البسيط إلى شجار لا تحمد عقباه.
كما يقيم هاته السلوكيات اللا أخلاقية، بعض المختصين الاجتماعيين كونها تنبثق من ممارسة الأشخاص بعض الطقوس ومن ثم الامتناع عنها في شهر رمضان، على سبيل المثال؛ التدخين وإدمان القهوة والشاي وضغط الجوع وكبح شهوات النفس، الشيء الذي يؤدي إلى وقوع نزاعات وخلافات لأتفه الأسباب، وهذا الشيء يحز في القلب لأن للصيام حكمة، وهي ضبط النفس والصبر والحلم.
بل أكثر من ذلك، فشهر رمضان المعظم، يأتي برسائل عديدة منها أهمية التسامح مع الأقارب والأحباب والأشخاص الذين تكون معهم عداوة، وليس لخلق خلافات جديدة تكفهر معها أجواء البيت أو الشارع، أو مكان العمل.
ومن الجانب الديني فإن الرسول صلى الله عليه وسلم حث على عدم رد السب بمثله، بل والحلم عمن جهل عليه استشهادا إلى قوله: “وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم” متفق عليه، البخاري. فالمغزى من هذا الحديث أن كل تلك السلوكيات مذمومة وقد تفسد فرحة الصيام والجو العام.
وكما عاهدنا في مقالاتنا، نركز دائما على الناشئة التي هي جيل المستقبل، فأطفالنا أذكياء جدا ويمتصون كل تصرف وكل حديث، وهذا ما يكون شخصيتهم المستقبلية فإذا بدا لهم أن في شهر رمضان تكثر فيه الخلافات، سواء في الشارع أو داخل الأسرة، فهذا سيطمس الصورة الحقيقية لهذا الشهر المعظم والرسائل التي يأتي بها لصلاح الأمة، فنحن من واجبنا كأسر وآباء أن نعطي تكوينا متينا لفلذات أكبادنا خلال هذا الشهر العظيم وأن نبرز لهم ما يحمله من رسائل لتنقية الروح والجسد، وأن نعطيهم المناعة الكافية التي تكون لهم كالصرح المتين أمام أي تصرف يمكن أن يصادفهم سواء في البيت أو الشارع، وأن كل تلك التصرفات المنبوذة هي تمثل الشخص وليس الشهر. فمن المهم جدا أن نحثهم على اجتناب مثل هاته الأمور ولو لم يصادفوها يوما، لأن هذا يندرج في إطار التوعية، توعية خير أمة أخرجت للناس.
سناء البوعزاوي

Exit mobile version