استعرت فوضى الأسعار في المغرب، أمام العجز الحكومي في مواجهة الغلاء المستشري في جميع المواد و المنتوجات، و في غياب لمخطط عمل حكومي يعالج وضعية تفشي الأسعار و الغلاء في المغرب، حيث تتجه الأنظار إلى بداية شهر شتنبر القادم لمعرفة سعر المحروقات بالمغرب بعد التحيين المعتاد في ظل المتغيرات الدولية ، و نبه مهنيون الى غياب رؤية أو معطيات دقيقة عن السعر القادم للمحروقات بالمغرب بداية شهر شتنبر”، الذي يتزامن مع الدخول المدرسي وعودة عدد من الموظفين من العطلة الصيفية.
و عادت أسعار النفط الى الارتفاع ، حيث ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت بـ25 سنتا، ما يعادل 0.31 في المائة، إلى 79.80 دولارا للبرميل، في حين زادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بـ17 سنتا، أي 0.23 في المائة، إلى 75.70 دولارا، و عرفت أسعار المحروقات بالمغرب انخفاضا طفيفا قدره 30 سنتيما في اللتر الواحد من الغازوال، و25 سنتيما في اللتر الواحد من البنزين.
واكدت الجامعة الوطنية لأرباب وتجار ومسيري محطات الوقود بالمغرب،ان “شركات المحروقات لم تواف المحطاتيين إلى حدود الساعة بأي تغييرات مرتقبة في الأسعار”، مشددا على أن “لا معطيات أو توقعات حول مصير الأسعار في بداية شهر شتنبر”، ويرى الحسين اليماني، منسق الجبهة الوطنية لإنقاذ المصفاة المغربية للبترول الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز العضو في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، أن “الإنتاج الأمريكي يسير في اتجاه التصاعد لتغطية الطلب بهدف كبح سعر برميل النفط في حدود 80 دولارا للبرميل، و أن “وضعية السوق العالمية حاليا جد متأثرة بالأوضاع في الشرق الأوسط”، لافتا إلى أن “عملية الاستيراد من الخارج نحو المغرب يجب أن تكون متنوعة، خاصة من حيث السعر”، مستدركا بأن “هذا الأمر لا يحدث بالمغرب طالما أن التوافق حاضر بين الشركات”.
وتتحكم مسألة القدرة الشرائية في نقاش ارتفاع الأسعار؛ وهو ما أفرز دائما “تباينا في الرؤى”، مع أن الكثيرين يعتبرون أن “المقياس” هو الفئة الغالبة من الشعب المغربي: الطبقة الفقيرة والطبقة المتوسطة بوصفهما طبقتين “تحملتا الوزر الأكبر ليس في غلاء أثمان هذه المواد الغذائية الحيوية التي تواصل الارتفاع؛ بل أيضا في غلاء المنتوجات الأخرى التي تعد هذه المواد المعنية بالغلاء ضمن تكوينها الأساسي أو عنصرها الأصلي”.
واستبعدت الجمعية الوطنية لبائعي اللحوم الحمراء بالجملة، تماما إمكانية نزول أثمان هذه اللحوم، مشددا على أن “الغلاء مستمر ولن يتراجع؛ لكون المصيبة العظمى أن سلطات الفلاحة ما زالت تواصل السير بالمنهجية القديمة نفسها التي أثبتت إفلاسها حقيقة”، و أن “هذا القطاع هو موطن اللوبيات التي تتحكم في مصير اللحوم، بمباركة وزارة الفلاحة والصيد البحري. وهذه التنظيمات المهنية النافذة هي التي تخرب القطاع من داخل الوزارة”، و أن “الفشل في التدبير هو الذي جعلنا نصل هذا المستوى وهذه الندرة الشديدة في اللحوم سواء الأغنام أو الأبقار؛ وهو ما يفضحُ خدعة الوفرة الرائجة قبل عيد الأضحى”، و “الدجاج أصابته عدوى الارتفاع في الأسعار لكونه وقع على استهلاكه ضغط كبير حين لم يعد جزء كبير من المغاربة قادرا على اقتناء اللحوم الحمراء”، أن “المخطط الأخضر هو المتسبب الأول في هذا الوضع، ولهذا صرنا عاجزين عن تأمين حاجياتنا، والحال أنه يمكن تشجيع إنتاج الحليب مرة أخرى محليا؛ وبالتالي تعزيز القطيع الوطني من الأبقار، حيث إن كل بقرة يمكن أن تلد لنا بقرة أخرى تواصل إنتاج الحليب وعجلا يوجه إلى الذبح.. وهذا ما أهمله الفاعل الرسمي”.
واكدت الجمعية الوطنية لمربي دجاج اللحم، ان الأسعار يمكن أن “تنخفض ويمكن أن تحافظ على نفس درجة الارتفاع”، مشيرا إلى أن “الاستهلاك الذي كان في السنوات الماضية عرف نقصا بينا، والمهنيون قاموا بتخفيض الإنتاج وبنقص ترويج الكتكوت وبرفع ثمنه؛ ما يعني أن الغلاء ينطلق من المنبع، وهناك احتكار واضح يتطلب فسح المجال أمام الاستيراد لتعزيز العرض الوطني من الكتاكيت”، و أن “التوريد يمكن أن يفضي إلى نتيجة تنعكس في النهاية على أسعار الدجاج في الأسواق”، معتبرا في هذا السياق أن السوق الوطنية تعرف مشاكل واضحة من خلال صرف الدعم لجهات لا تستحقه، وخصوصا المنتجين الكبار، والمربي الصغير صار رهينا بهذه التلاعبات التي تتم على المستوى الأعلى من هرم العملية برمتها، والتي لم تعد تقبل أية تبريرات واهية من قبيل الغلاء عالميا أو الجفاف”، و أن “الأسعار في السوق العالمية تراجعت بشكل واضح؛ ما يعني أن المواد الأولية في السوق الدولية لا تمثل مشكلا”، مضيفا أن “الجفاف بدوره لا يشكل أية معضلة للإنتاج الوطني؛ لأن القطاع يعتمد على 95 في المائة من المواد الأولية المستوردة من الخارج”، و أن “هناك مغامرة بالقطاع من خلال هذا الغلاء.. والمقاطعة تقصم ظهر المربي الصغير، الذي سيضطر إلى بيع ما لديه بنوع من الخسارة”.
عجز حكومي في مواجهة غلاء المواد الغذائية و المحروقات
