Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

عقوبة الإعدام حلقةٌ خاب مسعاها وبِئسَ محتواها

محمد فارس

إنّ الرّزية كلّ الرّزية أن تجدَ تلفزة في دولة مسلمة، تخاطب شعبًا مسلمًا يعيشُ تحت ظلّ إمارة المؤمنين، ثمّ الشّعوبُ على دين ملوكِها، لكنّ القناة الأولى قدَّمت برنامج [45 دقيقة]، استضافت فيها الرّافضين لعقوبة الإعدام مع العِلم أنّ المغاربةَ قاطبة يؤيِّدون حُكْم ربِّهم بخصوص إعدام قاتِل النفس بغيْر حقّ، وقيل إنّ مقدّم الحلقة اختار الحياد وكأنّه في تلفزة عَلمانية أو خاصّة، فيما هي تلفزةٌ تخاطِب شعبًا مسلمًا متشبّثًا بدينه، وثوابتِه، وأصالتِه، وفيه مَنِ اكتوى بنار القتلَة ومنهم الأرامل، والثّكالى، والأيتام، ممّا يجعل الحيادَ المزعوم للبرنامج أمرًا مرفوضًا، لأنّ الشعب يريد سماعَ كلامِ ربِّه، والإعلاء لحُكمِه عزّ وجلّ مع الإعراض وتجاهُل من يريدون تصحيحَ أحكام الله وكأنّه جلّ جلالُه كان على خطإ في إقرار حُكْم قاتِل النّفس في آياتٍ مُحْكمات ليس فيها هامشٌ للاجتهاد أو التّأويل؛ وفي تلفزة تخاطب مجتمعًا مسلمًا، لا مكانَ في برامجها لـمَن يعارضون حُكْم الإعدام، فنحن لسنا دولةً ملحدةً أو عَلمانية مثل [فرنسا]، فهؤلاء الرّافضون لحُكم الله تعالى لهم قنواتٌ خاصّة ترحّب بهم ولا مكان لهم في تلفزتنا..
وهناك من يتذرّع بوجود أخطاء في القضاء، ونحن نقول لهم إنّ هذه ذرائع مردودة، وهي نادرة، لأنّ هناك جرائمَ واضحة لا غموض فيها ولا لُبْس، فأيّ خطإ سيَرتكبه القاضي في حقّ من اغتصب (11) طفلاً وقتلهم؟ أيّ خطإ سيُرتكَب في حق من دَهَس شرطيًا بسيارته قُبيْل الإفطار في رمضان؟ أيّ غموض في حقّ من قتَل حارس السّجن؟ أيّ لُبْس في حقِّ من طعن ضابطَ شرطة أمام الملَإ؟ ثمّ ما قولُهم بخصوص من قتل شقيقتَه وابنَها يوم (06 دجنبر 2021)؟ لقد كان من المفروض على صاحب الحلقة أن يستضيفَ مفكّرين ليشرحوا لماذا أقرّ الله هذا الحُكْم، وأيُّ خيْر أُريدَ به للإنسانية والله هو مصْدر الحقّ والخير كلِّه؛ لو قام صاحبُ الحلقة بذلك، لانتصر لربّه بدلاً من حيادٍ سالب.. لقد قدّم لنا رجلَ دين تحدّثَ عن عفْو ذوي الدّم عن القاتل ونسيَ فضيلتُه أنّه حتى في هذه الحالة لا يسقط حكْمُ الإعدام في حقّ القاتل، كيف ذلك يتساءلُ القرّاءُ الكرام؟ للجواب على هذا السّؤال، عُدْنا إلى المراجع المعتَمدة، فماذا وجدنا فيها بهذا الخصوص؟ إليكم ذلك معشر القراء الكرام!
نحن في [المغرب] نتمذْهب بمذهب [الإمام مالك]، لقد وقف أمامه أبُ القاتل وأبُ المقتول، وقالا للإمام إنّهما اتّفقا على دِيّة، وأنّ أبَ المقتول يعفو عن القاتل؛ فأجاب الإمامُ [مالك] بأنّ الله لا يعفو، وأمرَ بالقاتِل فقُتِل.. سبَق في مقال سابق أن قلتُ إنّ النّبيَّ الكريم أمر بقتْل قاتِل مسلمٍ غيلةً خلال غزوة [أُحُد]، ولم أبيِّـنْ اسمه آنذاك، والآن، بعدما بحثتُ عنه بعْد بحثٍ شاقٍّ ومضنٍ، اكتشفتُ أنّ القاتلَ اسمُه [الحارث بن السُّوَيْد] كان قدِ انتقمَ من قاتِل أبيه في الجاهلية، والمفاجأة هو أنّ هذا القاتل كان بَدْريًا، يعني شهِدَ [بدْرًا] مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم، ومع ذلك أمرَ النّبي الكريمُ بقتله، ولم يستطعْ رسولُ الله مخالفَةَ حُكْم الله عزّ وجلّ وكان القاتلُ صحابيًا، بدْريًا، لكنْ من هُمْ هؤلاء القتلَة الذين نريد إبطال حُكْم الله في حقِّهم؟!
إنّ هؤلاء الذين يريدون إلغاء عقوبة الإعدام يخدمون أجندات أسيادهِم الفرنسيين، فبمجرّد وصول الـمُلْحِد [ميتران] إلى الحُكْم، ألغي الحُكْم بالإعدام في [فرنسا] يوم [19 شتنبر 1981] بـ: (363) مقابل (117) في الجمعية العامّة، لكنّ [فرنسا] صارت تَعْدِم القتلة في السّاحة بدعوى أنّ المجرم قاومَ رجالَ الأمن، فكان يُقْتل قبْل وصوله إلى المحكمة.. وفي عهد الـمُلحِد الاشتراكي الثّاني في الإيليزي، وأعني به [هولاند] أباحَ الشّذوذَ والمثْلية وصار لهما قانونٌ يبيحهما، فهل هؤلاء الملاحِدة يُعْتبرون قدوةً لنا؟ كيف نستعيض عن حُكْم ربِّنا جلّ جلالُه بِعَبثِية دولة ألْغتِ الدّين، واستَبدلت تعاليم الله بقيم الجمهورية الـمُلْحِدة؟! وحتى [ماكرون] صرّح علانيةً بأنّه لا يُدين بتعاليم الرّب، ولكنّه يأخذ بقيم الجمهورية الفرنسية، أبهذه التّعاليم تريدون منّا أن نتّبعَهم فيخبو الدّين، وتتداعى القِيم، فننزل إلى مستوى لا تَهْبِط إليه حتى الحيوانات من قَتْل، وشذوذ، وعلاقات رضائية؟ خَسِئْتم، وتبّا لكم!
كان على صاحب حلقة [45 دقيقة] أن يناقش “الإعدام الجماعي” الذي أَقَرَّه وزيرُ التعليم في حقِّ الشّباب الذين تفُوق أعمارُهم (30) سنة، وحِرمانهم من التّرشح لمباريات التّربية والتّعليم.. كان على صاحب الحلقة لو كانت تواتيه الشّجاعة أن يخصِّصَ حلقةً للعنف ضدّ المرأة والـمُتمثِّل في النّقط مقابل الجنس في جامعات تحوّلت إلى أوكار، وديبلومات تُعْطى لكلّ من وهَبت جسدَها للذِّئاب المختبئة في دهاليز الجامعات والكليات.. كان على صاحب الحلقة أن يُحذّر من الدّعوات إلى إشاعة العلاقات الرّضائية التي تَنزل بالمرأة إلى مستوى هو أحطّ من مستوى الحيوانية المقيتة.. ولكنْ لا أظنُّه يَفعل ذلك، فلو فعل لكان إعفاؤُه من التّلفزة أمرًا محتومًا؛ لذلك، نحن نَعذُره!

Exit mobile version