Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

على هامش تصنيف المغرب..القوة الناعمة والفكر الناعم

استطاع المغرب أن يضمن مقعدا له ضمن الخمسين الأوائل ضمن المؤثرين في العالم عبر القوة الناعمة. ولأول مرة يصل المغرب إلى الدرجة الخمسين، وهي ليست سهلة طبعا. وكسب المغرب خمسة مراكز دفعة واحدة مقارنة بنسخة 2023 من هذا التصنيف الدولي الذي يصدره مكتب “براند فاينانس” البريطاني، ويخص الدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 193 دولة.
طبعا هذه النتيجة هي ثمرة جهود كبيرة تقوم بها مؤسسات منها التي يتم تسليط الأضواء عليها، ومنها التي تعمل في الخفاء، شعارها “إنما نعمل لوجه الله والوطن لا نريد منكم جزاء ولا شكورا”، وبالتالي تتراكم كل هذه الجهود لخلق هذه النتيجة.
لكن، ولكن كبيرة هنا. أهم عنصر في القوة الناعمة هو الإعلام والصحافة. ففي تحليلها للبيانات المتعلقة بالمغرب، يسلط المكتب البريطاني الضوء على التطور “الملحوظ” لمؤشر “المستقبل المستدام”، الذي سجل قفزة بعشرة مراكز. ويقيم المكتب البريطاني القوة الناعمة بموجب عدة مؤشرات تشمل الأعمال والتجارة والحكامة والعلاقات الدولية والتراث الثقافي والإعلام والاتصال والتعليم والعلوم والقيم.
وكما قلنا فإن أهم عنصر هو الإعلام، لأنه هو من يرسم صورة البلاد، ثم الثقافة لأنها تقدم الاستدلال على صورة البلاد، ثم تأتي باقي العوامل كنتيجة لها.
الإعلام في بلادنا يراد له ألا يكون فبالأحرى أن يكون قوة ناعمة. يراد له أن ينحصر في لون واحد وهذا غير واقعي. القوة الناعمة تتشكل من تضافر أشكال وأنواع وأصناف الإعلام. وبالتالي هي تحتاج إلى تفكير ناعم. من يريد أن يلعب دور “النعامة” لن يشكل قوة ناعمة.
لكن ينبغي التفكير بشكل مختلف في الإعلام حتى يلعب دوره كقوة ناعمة وبشكل كبير. ينبغي تأهيل الإعلام دون إقصاء ومنحه الفرص كي يقدم الصورة الحقيقية للمغرب، المتعدد وذي الرؤى المختلفة والمتنوعة، التي يمكن أن تجد تجسيدها في الإعلام التعددي، الذي لا يمكن تشكيله وضرب تنوعه من خلال آليات كثيرة تمتلكها السلطة الحكومية.
وينبغي الإقرار بأن محاولات ضرب التعددية لم تكن في السابق، وحتى في الوقت الموسوم بسنوات الرصاص كان الإعلام تعدديا وكان إعلام المعارضة يقوم بدوره الكامل في فضح السياسات الحكومية، لكن أيضا في الدفاع عن قضايا الوطن المصيرية وعلى رأسها وحدة التراب الوطني.
هذا المثال أوردناه كي نقول من خلاله إنه ليس كل ما يلمع ذهبا، وليس من يختلف مع سياسات الحكومة ويقوم بالكشف عن اختلالات، ليس وطنيا، فالحكومة زائلة والوطن خالد أبد الدهر، وبالتالي لا ينبغي الخلط بين المؤسسات الثابتة وبين المتحولة، والتضييق على الإعلام الذي ينتقد الحكومة هو ضرب لصورة المغرب التعددية.
المؤسسات العميقة للدولة لم يكن لها في يوم من الأيام موقف من الإعلام المختلف والتعددي، بينما الحكومة تنظر إليه بريبة، واليوم هذا التصنيف يعتبر فرصة لتعيد النظر في موقفها خدمة للجميع وخدمة للوطن أولا.

Exit mobile version