Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

عندما يكون المستقبل غامضا لدى العدالة والتنمية

إدريس عدار

يفيد الاستقراء في تكوين معايير للحكم على الشيء، حتى تتكون خبرة لدى المتابع يضع من خلالها كل حركة في مكانها الطبيعي. سنوات من تتبع حركات وسكنات حزب العدالة والتنمية مكنتنا من الإمساك بكثير من مفاصيله، حتى أصبحت قواعد نعتمدها في قراءة حركاته. وما يجري داخله اليوم لا يمكن قراءته بعيدا عن غموض المستقبل لديه.

بينت الأيام أن حزب العدالة والتنمية لما يكن المستقبل لديه واضحا تكون قيادته وقواعده على قلب رجل واحد. يعني سكين واحد يذبحهم كما يقال. وينبري الجميع للدفاع عن الفكرة التي توصل إليها، وتنتهي الخلافات بين أبنائه وتختفي التناقضات تحت عناوين “حزب المؤسسات”. لكن عندما يكون المستقبل غامضا لدى الحزب تعلم هذا الأخير ألا يضع بيضه في سلة واحدة، وبالتالي يوزعه على سلتين أو أكثر. وأحيانا يتركه يتوزع بشكل طوعي.

عندما انطلق الحراك الشبابي بالمغرب تحت يافطة “20 فبراير”، لم يكن واضحا لدى الحزب إلى أين تسير الأمور. كان يرى، من جهة، أن التغيير في المغرب بالطريقة التي وقعت في المشرق غير ممكن، ويرى من جهة أخرى أن قطار الربيع العربي حمل تنظيمات الإخوان المسلمين إلى السلطة. وهم يعرفون أن الربيع العربي هو صناعة تولى تدبيرها من له مصلحة في ذلك، ووقعت الصفقة على حمل الجماعة نحو السلطة مقابل خدماتها في المنطقة.

لم يكن الحزب قادرا على حسم موقف والتطلع للمستقبل لاختلاف السياقات، ولهذا انقسم الحزب إلى تيارين، لكن من يعرف تاريخ هذا التنظيم يظهر له بسرعة أن القصة لا تخرج عن توزيع البيض في سلتين.

السلة الأولى تجمع بنكيران ومجموعته، إذ كان يردد “واش أنا نتبع الطبالة والغياطة”. وعارض الحراك، وأعلن مواجهته له. السلة الثانية تجمع مصطفى الرميد وعبد العالي حامي الدين وحتى سعد الدين العثماني، وهي الجزء من القيادة الذي كان يخرج في مسيرات الحركة. كان بنكيران يبرر هذا التناقض بكون حزبه يسمح بالاختلاف. لكن واقع الحال ليس كذلك.

كان الحزب ينظر بعين الريبة للمستقبل. إذا لم يحدث التغيير وفق مسار الربيع العربي يكون بنكيران هو القائد للعدالة والتنمية، ولو وقع العكس يكون الرميد ومن معه قائدا للعدالة والتنمية. في الحالتين يبقى الحزب موجودا. وهذه القصة لم تقع في المغرب وحده. حتى في مصر ظل الإخوان المسلمون لآخر لحظة يفاوضون مبارك ولم ينضموا للثورة إلا بعد أن ضمنوا نجاحها.

ما يجري وسط العدالة والتنمية اليوم من استقالات ولغط حولها لا يخرج عن هذا السياق أو أن أحد الأمور التي تتحكم فيه هي ما رسمناه سالفا، والحزب اليوم ليست له رؤية واضحة للمستقبل، وبالتالي ينتظر أي من التيارات ستكون رؤيته هي السائدة وبالتالي يكون هو القائد للحزب، مع التوجه نحو تبييض سنوات التدبير الحكومي عبر رسائل تيار معارض.

 

Exit mobile version