تستقبل الطبقة العاملة عيد العمال، فاتح ماي، هذه السنة بشكل مختلف، فبعد سنتين من غياب المهرجانات الخطابية والتجمعات العمالية بفعل طغيان أجواء فيروس كورونا، والاقتصار على مهرجانات افتراضية يوجه فيها الزعماء كلمات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بعد ذلك تأتي هذه السنة لتكون التجمعات مباشرة، لكن عودة الاحتفالات إلى الشارع مصحوبة بحكومة مختلفة عن باقي حكومات المغرب منذ الاستقلال، إنها حكومة تعلن أنها خصم للطبقة العاملة بل لعموم فئات الشعب باستثناء أصحاب المصالح أو ما نسميه “تجمع المصالح الكبرى”.
فبأي حال عدت يا عيد؟ يأتي فاتح ماي لهذه السنة في ظل هجمة شرسة على قوت المواطنين وجيوبهم، من خلال موجة غلاء لا نظير لها، حيث ارتفعت بعض المواد الاستهلاكية إلى ضعف سعرها في ظرف لا يتجاوز الشهر والشهرين، وفي ظل ارتفاع سعر المحروقات الذي أثر على عيش المواطنين.
يستقبل العمال عيد فاتح ماي، الذي هو إعلان للتمايز الواضح بين النقابي والسياسي، لكن هذا العام ستقوم النقابة التي وصفت نفسها بالخبزية بإعلان عدم مشاركتها في احتفالات فاتح ماي، وذلك بعد الاتفاق الذي أبرمه ميلود موخاريق، الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، مع عزيز أخنوش، رئيس التجمع الوطني للأحرار، قبيل الانتخابات، كي يدعمه في الانتخابات، وهو الأمر الذي لم يحدث في التاريخ السياسي والاجتماعي للمغرب.
معنى أن تنخرط النقابة في دعم مشروع سياسي يمثل أساسا “تجمع المصالح الكبرى”، التي هي النقيض للطبقة العاملة، فليس أن يكون هناك صراع بين الطرفين، ولكن التمايز موجود منهجيا وعمليا وواقعيا، لأن كل طرف يمثل مصلحة مختلفة، ولا يمكن للباطرونا أن تدافع عن العمال وبالتالي لا يمكن لأخنوش أن يدافع عن العمال.
وتستقبل الطبقة العاملة فاتح ماي في ظل وضع مزرٍ عاشته لمدة سنتين، حيث تم إغلاق عشرات بل مئات الوحدات الصناعية، بما يعني ضياع مناصب الشغل وارتفاع نسبة البطالة وسط الشغيلة، التي أضيفت إلى البطالة الأصلية أي الذين لم يشتغلوا طوال حياتهم، مما عمق أزمة الطبقة العاملة، ومما زاد في عمق الأزمة، هو عدم اهتمام الحكومة بهذه الفئة.
يأتي فاتح ماي والحوار الاجتماعي يراوح مكانه، وعلى مقربة منه فتحت الحكومة النقاش مع النقابات، لكن من يصدق الحكومة، التي لم تف بأي وعد من وعودها، فأين هي الوعود الانتخابية؟ وتجاوزا أين هي الوعود التي تضمنها التصريح الحكومي؟ وأين هي الوعود التي أطلقتها الحكومة بعد ذلك؟ لهذا لا يمكن أن تصدق النقابات ما تقوله الحكومة اليوم، ولا يمكن أن يصدقوا أن الحوار الاجتماعي سيأتي بنتيجة، لأن الحكومة تريد فقط أن تحرج الآخر بالحوار وعند الجلوس تخرج حزمة “الأزمات” التي تعاني منها البلاد وبالتالي فالحكومة مضطرة لغلق الصبيب لكن مع استمرار اغتناء الشركات الكبرى الممثلة في “تجمع المصالح الكبرى”.
فاتح ماي و”جيوب” العمال
