Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

فشلوا في تدبير أحزاب كيف يدبرون الدولة؟

نقصد بالدولة هنا المساحة التي تدخل ضمن اختصاصات الحكومة والمتعلقة بتدبير الشأن العام، باعتبار أن الحكومة هي المكلفة بتدبير الميزانية العامة، أي أموال دافعي الضرائب، والحكومة بطبيعتها القانونية والدستورية مشكلة من الأحزاب السياسية، أي إن الحزب الذي يفوز بالرتبة الأولى، هو الذي يقود الحكومة بالتحالف مع أحزاب أخرى. أي إن الأحزاب هي التي تقوم بتدبير الشأن العام من خلال الحكومة.
الأحزاب انكشفت اليوم. ظهر أنها ليست على ما يرام مع الحسابات. كشف المجلس الأعلى للحسابات أنها ليست في وضعية قانونية فيما يخص صرف المال العام. أحزاب صرفت أموالا بشكل غير مبرر. ولما لم تتمكن من تبريرها عبر الفواتير وأوجه الصرف، أعادتها لخزينة الدولة، لكن من أين أعادتها وهي قد صرفتها؟ بمعنى جمعتها بـ”الصينية” كما يقال في الدارجة المغربية “عاونو الفريق”. جمعتها من أثرياء الحزب أو من مالية الحزب. وهذا إشكال خطير في القانون. هل يحق تمويل الحزب خارج نطاق ما يسمح به القانون؟
مالية الأحزاب السياسية معروفة قانونيا محددة في الانخراطات والدعم الذي تتلقاه من الدولة. فهل الانخراطات كافية لتمكن الأحزاب، التي وجدت نفسها في وضعية مخالفة تجاه القانون، من أن تغطي ما عجزت عن تبريره وتعيده لخزينة الدولة؟
على أية حال، فالوضعية المالية للأحزاب السياسية توشي بأن هذه الأحزاب ليس لها حرص على المال العام، بل تمعن في صرفه في غير أوجهه الحقيقية.
تقرير المجلس الأعلى للحسابات حول المالية الحزبية كشف عن روح جماعية لدى كل الأحزاب السياسية مفادها أن الجميع أخل بالتزاماته القانونية.
والأهم أن المجلس وضع أحزاب التحالف الحكومي في المحك. أي نموذج تقدم؟ التجمع الوطني للأحرار على رأس اللائحة ضمن الأحزاب التي قدمت مصاريف بالملايين من الدراهم دون أن تتوفر على وثائق. جاء الأصالة والمعاصرة ثانيا في الترتيب، ثم حزب الاستقلال، وهذه الأحزاب هي التي تقود الحكومة. ثم أحزاب أخرى مثل العدالة والتنمية وغيرها التي قادت الحكومات السابقة.
كيف لأحزاب سياسية لم تتمكن من حماية المال العام كآلية تدبيرية حزبية أن تحمي المال العام كآلية تدبيرية للشأن العام؟
هناك نوعان من سوء التدبير لدى الأحزاب السياسية حتى نكون منصفين. بعض الأحزاب أساءت التدبير لأنها لا تتوفر على إدارات كما يجب أن يكون لدى كل حزب. وهي مخطئة في ذلك. وأحزاب سياسية تعمدت لهف المال العام من خلال تحايلات كثيرة، لكنها تورطت في عدم التبرير.
مهما تكن الخلفية التي جعلت هذه الأحزاب في وضعية غير قانونية تجاه المالية العمومية فإن السؤال الذي يبقى مطروحا: كيف لمن لم يتمكن من تدبير مالية حزب سياسي أن يدبر مالية دولة؟

Exit mobile version