Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

فضائح “تيك توك”.. المال مقابل السمعة والأخلاق

 

في مشاهد غريبة عن أعراف المجتمع المغربي المحافظ، أفراد لا يجدون حرجا في التسول الإلكتروني باستخدام أطفالهم وأجسادهم، في الوقت الذي أصبحت هناك قابلية واستسهال لتخطي حدود اللياقة والاحترام والقيم.


الربح السريع أسقط جميع الحواجز الأخلاقية، ما دفع العديد من “زعماء” هذه المنصات إلى عرض محتويات غير أخلاقية وأجسادهم لرفع عدد المتابعين، والحصول على إشهارات تدر عليهم أموالا كثيرة.


تيك توكر” مشهورة على المنصة قالت للصحيفة إن المنصة أصبحت تذر عليها أموال مهمة، مبرزة أن كل بث مباشر تجني فيه ألاف الدراهم.


وعن المشاهد الغير أخلاقية المنتشرة، دافعت الأخيرة عن فكرة أن “الجمهور عايز كدا” مشددة أن المحتوى الهادف لا يجد طريقه للمشاهد، بحكم أغلب رواد هذه المنصات يبحثون عن هذا النوع من المحتوى.


التطبيع مع التسول

الربح أصبح لا يحتاج إلى مجهودا كبيرا، فمجرد فتح البث المباشر، وترديد عبارة “أنا بقرة”، “أنا دجاجة”، “أنا سمكة”، حتى تنهال الهدايا من الداعمين، كل حسب محفظته، والأغلى هي” الأسد” التي تصل قيمتها لأزيد من 4 ألف درهم.

الخطير في الأمر، أن بعض الداعمين أصبحوا يتحكمون في بعض الفتيات، من خلال أمرهن بتنفيذ حركات جنسية، وتستجيب هذه الشابات لطلباتهم سعيا وراء المزيد من الهدايا، إلى جانب إطلاق منافسة بين شخصين على المباشر من يحصل على أكبر عدد من الأصوات، يحكم على الآخر بصب الزيت أو الماء أو الدقيق على جسمه.

في مقهى بمدينة الرباط، شخص يحمل هاتف، ويخاطب جمهور “التيك توك” كل لحظة بعبارة “كبسو كبسو”، وهو في بث مباشرة مع فتاة يناقشون مواضيع تافهة على مرأى ومسمع جميع رواد المقهى.

استمر البث المباشر لساعات، وعندما انتهى حاولت استفساره عن سبب رغبته الجامحة في فتح بث مباشر حتى وإن كان في المقهى، أجاب بكل أريحية أن هذه “اللايفات” تدر عليه أموال مهمة يساعد بها نفسه لتدبر أمور الحياة.

وعن الأموال التي يتلقاها كل شهر، قال إن ذلك يختلف كل شهر حسب مدة البث المباشر، إلا أن المعدل العام يتراوح بين8000 و 10000 درهم كل شهر.

الداعمين الكبار


خفيظ بوتبوزي، باحث في النظم والتكنولوجيات الحديثة، قال للصحيفة، إن أغلب الداعمين في منصة “تيك توك” ينتمون إلى دول الخليج، ونسبة المغاربة الذين يشترون هذه الباقات من المنصة قليلة جدا.


وحذر الخبير من خطورة هذا الأمر، الذي قد يساهم في خلق نوع من الدعارة على منصات التواصل الاجتماعي، باعتبار أن الداعم عندما يمنح هدية في مقابلها يطلب شيئا ما.


وشدد الخبير، على الانعكاسات السلبية لمثل هذه السلوكيات، باعتبار أن المنصة لا تضع شروطا للخصوصية أو قوانين تمنع الأطفال من الولوج إلى خدمة البث المباشر كما هو الشأن في المنصات الأخرى.


مناهج دراسية للتعامل مع هذه المنصات


وفي هذا الصدد، قال الدكتور محسن بنزاكور، مختص في علم النفس الاجتماعي، لصحيفة “النهار المغربية”، إن الجيل الجديد طبع مع بعض الممارسات الغير أخلاقية، مشددا أنه تطورت قناعات داخل المجتمع في الآونة الأخيرة تعتبر بأن هذه الأمور عادية وتدخل في خانة الحرية.

وأضاف المتحدث، أن الشباب تسرب إليهم شعور من خلال إدمانهم على مواقع التواصل الاجتماعي، بأن النبش في الحياة الخاصة والتشهير بالأفراد من المسلمات، دون استحضار العقل والأخلاق.

وشدد الخبير، أنه بالضرورة يجب إدراج مادة خاصة في المقررات المدرسية، تلقن للتلاميذ كيفية التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي، باعتبار أن الجيل الجديد حياته مرتبطة كلها بالهاتف الذكي والتكنولوجيات الحديثة، حتى لا يتم ترك الأطفال “أميون” في التعامل بعقلانية مع هذه الوسائل.

وحث بنزاكور، على أهمية إدراج هذه المقررات ابتداء من السلك الابتدائي إلى حدود السلك الثانوي، كونها ستساهم في تلقين الأطفال مهارات وامكانيات من شأنها أن تقلل من منسوب التشهير والنبش في الحياة الخاصة والتنمر داخل الفضاء الرقمي.

وخلص الخبير، إلى أنه لا يجب الاستهانة بمثل هذه السلوكات، كون عواقبه النفسية خطيرة على الجيل الجديد، وهذا ما يفسر كثرة الاضطرابات والأمراض النفسية، إلى جانب ارتفاع نسبة الانتحار في صفوف الشباب.

دعوات الحظر

بعد انتشار التفاهة والتسول الإلكتروني إضافة إلى التحديات “اللا أخلاقية” بتطبيق “التيك توك”، تعالت الأصوات مؤخرا، من أجل التدخل السريع لوقف ما اعتبروه “تسيبا وانحطاطا أخلاقيا” يؤثر على الناشئين.


في هذا الصدد، ناقشت لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب المغربي اقتراحا بشأن حظر التطبيقات التي لا تتوافر في شأنها سياسات ومعايير سلامة الاستخدام خصوصا تيك توك بسبب تأثيره على المراهقين بعد أن أتاح خاصية المكافآت في العروض المباشرة، وهو ما سمح للمتابعين بطلب عدد من الأمور الغريبة والمنافية للقيم والتقاليد المجتمعية.

ويدافع المطالبون بحظر التطبيق بالمخاطر المترتبة عن تداول الأطفال والمراهقين لهذه المحتويات على المستوى النفسي والقيمي، فضلا عن تأثير ذلك على صورة المغرب، رافضين استغلال الأطفال والأجساد في ما وصفوه بــ “تسول الأرباح المادية”، حيث تسببت العديد من المواد والألعاب المنتشرة عبر التطبيق في حالة من الجدل بعد تأثر المراهقين بها.


ووجهت حنان أتركين عضو الفريق النيابي لحزب الأصالة والمعاصرة، سؤالا كتابيا إلى وزيرة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، في شأن حماية مستعملي وسائل التواصل الاجتماعي من تأثيراتها السلبية، خاصة القاصرين منهم.


وقالت البرلمانية إن “العديد من التطبيقات المتنافسة على استقطاب أوسع جمهور، تنتشر فيها ممارسات وسلوكيات مجرّمة بمقتضى القوانين السارية، لكنها تنفلت من الرقابة لارتكابها بالفضاء الأزرق، الذي يعرف انتشار ظواهر التسول، والتحرش، والاتجار دون التقيد بالمقتضيات القانونية، وتقديم الاستشارات الطبية دون ترخيص وغيرها من الظواهر التي يصعب حصرها“.

بدوره، وجه البرلماني نبيل الدخش سؤالا كتابيا لوزير الثقافة والشباب والتواصل المهدي بنسعيد بهدف التدخل لتقنين التطبيق المثير للجدل، وجاء في السؤال “انتشر استخدام منصة تيك توك في الآونة الأخيرة مما دفع بالعديد من الدول لاتخاذ إجراءات سواء بتقنين المنصة أو منعها نهائيا، وذلك حماية للأطفال والمراهقين والشباب والمواطنين الذين أدمنوا على الولوج إليها”.


ونبه الدخش من المخاطر الاجتماعية والصحية للتيك توك وباقي المنصات، وانعكاساتها النفسية والمعرفية على مستخدميها، مطالبا وزير الثقافة والتواصل باتخاذ إجراءات لتقنين استعمالها.


ودق المرصد المغربي للسيادة الرقمية ناقوس الخطر بشأن الانحدار الخطير الذي تشهده محتويات منصات التواصل الافتراضي بالمغرب، كما دعا إلى تدخل عاجل للسلطات الحكومية والأمنية من أجل وقف تداعياتها على الصحة النفسية للأفراد بالمجتمع المغربي والسمعة الرقمية للمغرب.


وانتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرا هاشتاغ بعنوان “لا لتيك توك بالمغرب”، أعرب من خلاله ناشطون عن رغبتهم في حجب الموقع بالمغرب، صوناً لصورة المغاربة، وأشار متابعون إلى أن وتيرة الفيديوهات المسيئة ازدادت مؤخرا بشكل كبير بعد أن أتاح تيك توك خاصية المكافآت في العروض المباشرة.


كما طالب النشطاء بضرورة تطبيق قانون جديد يجرّم محتوى تيك توك المسيء إلى صورة البلاد، مع ضرورة ضبطه وإخضاعه لإطار قانوني زجري صارم، يعاقب كل من ينشر “التفاهة” أو يسيء إلى سمعة البلاد، إضافة إلى محاسبة أصحاب الأموال الطائلة عبر تقنية البث المباشر.


وأضافوا أنه لو استمرت الحملة المغربية، فيمكن أن تؤثر على المنصة وتقوم بتقييد الحسابات المخلة بالآداب، أو المسيئة للمغرب بشكل عام.


وخلصوا إلى أن عدد الدول التي تفرض حظرا أو غرامات مالية على تطبيق تيك توك في تصاعد، بسبب مخاوف أمنية ومزاعم بانتهاك الخصوصية.

 

 

Exit mobile version