Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

فوز المنتخب الوطني…عودة الحياة إلى الرموز

بوصول المنتخب الوطني لكرة القدم إلى النتيجة التي حققها، وفاقت كل التوقعات، عادت الحياة إلى الرموز. ونحيل دائما في مثل هذا الوضع على كتاب “الاستعارات التي نحيا بها” من تأليف الباحثين الأمريكيين جورج لايكوف ومارك جونسن، وجسدت مقابلات المنتخب الوطني مع كثير من نظرائه العديد من المفاهيم المستعارة، فلم تخل التعليقات لدى الجمهور من هذا الصنف من اللغة، بل حتى لدى معلقي المباريات، إذ عاد أحدهم إلى المسيرة الخضراء وهو يعلق على مباراة المغرب وإسبانيا، وذكر بعضهم معركة الزلاقة عندما انهزم المنتخب البرتغالي أمام منتخبنا الوطني، وكما عادت الاستعارات والرموز إلى اللغة عادت إلى الحياة.
مع بداية المشوار ظهرت حركة تشجيع قوية للمنتخب، وتضاعفت مع كل نتيجة إيجابية، وكانت لهذا الفعل نتائج اقتصادية أيضا، لكن الأساسي في ذلك هو عودة الروح للرموز الوطنية، حيث أصبح أغلب المغاربة يرتدون قمصان المنتخب الوطني لكن في كل الأمكنة يرفرف العلم الوطني، كنوع من التربية على المواطنة، فالأطفال يشاهدون ملحمة حقيقية يتم فيها حمل العلم الوطني وبشكل كثيف.
هذا اللون الأحمر القاني هو لون دماء الآباء والأجداد، الذين استشهدوا دفاعا عن ترابه النقي والطاهر وعن حبات الرمل واحدة واحدة، والأخضر هو لون البناء المتواصل الواصل للأرض بالسماء في تفاعل نادر.
ما حققه المنتخب الوطني عجزت عنه الأحزاب السياسية، التي فقدت روح تأطير المواطنين، وهي وظيفتها الأساسية، والتي تتقاضى عنها دعما عموميا جيدا، لكنها تخلت عن جوهرها لتتحول إلى منتديات للترقي الاجتماعي، لقد علمت المنتسبين إليها سلوكات لا تنتمي إلى الفعل النضالي، فقد كان المناضل هو الشخص القادر على التضحية، فأصبح اليوم هو الشخص القادر على تسلق المراتب الوظيفية.
الأحزاب تقوم بدور سلبي فيما يتعلق بالوطنية، في الوقت الذي كان ينبغي أن تكون هي السباقة إلى تعليم الوطنية للمنتسبين، ونتحرج في تسمية المنتسبين بالمناضلين، لأن في النضال تضحية بينما التضحية اليوم من أجل رأسمال رمزي يتم تحويله إلى رأسمال مادي بتعبير بيار بورديو. بينما المنتخب علم المواطنين أن حب الوطن والصعود باسمه إلى الأعلى دون انتظار عوائد مادية.
رموز الوطن ينبغي أن تصان من العبث، ولهذا أبعد جلالة الملك محمد السادس الكرة عن تدخلات السياسيين، حتى لا يتم توظيفها في صراعات جانبية، وما زالت قصة بعض الفرق العريقة، التي هيمنت عليها بعض الأحزاب فتراجع أداؤها، وجاءت أكاديمية محمد السادس لكرة القدم قصد تخريج مشاتل الأبطال وكرمز لاهتمام الدولة بالرياضة وكرة القدم خاصة، لكنه اهتمام يهم الجميع ومن غير المسموح به استغلاله في الشخصيات.
أسود الأطلس أسود حقيقية وليست مثل تلك المفبركة، التي أرادوا صناعتها “بزز” وبـ”التنقاز”، وأسود الأطلس أعادوا الرمزية إلى الوطن وعلم الوطن.

Exit mobile version