Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

قبل إعدامه قال “دعوني أرى سماء بلادي”

أمشي سيرا على الأقدام، أمارس هوايتي المفضلة في التأمل و الاستمتاع بمدينتي الدار البيضاء، تشدني دائما تلك اللوحة من الرخام التي وضع عليها النصب التذكاري للمقاوم أحمد الراشدي، ويشدني فيها أكثر عبارته التي قالها قبل إعدامه رميا بالرصاص من قبل المستعمر الفرنسي رافضا تعصيب عينيه، قائلا “دعوني أرى سماء بلادي لآخر مرة” حيث نفذ فيه حكم الإعدام، تلك العبارة وسط الدار البيضاء شاهدة على مسارات مقاومين ضحوا بأنفسهم لتظل المدينة شامخة و تظل البلاد مستقلة مسلمة، المقاوم الراشدي كان من أبناء حي المدينة القديمة بالدار البيضاء يعيش رفقة أمه الملقبة بالحريزية و أخويه، كان كثير الصمت قوي الملاحظة دقيقا ، حتى أنه كان معروف عليه الدقة في تحديد الزمن و الوقت، يحكى أن أصدقائه بالحي كانوا عندما يستفسرون عن الوقت و الساعة يوم لم تكن تتوفر ساعات اليد إلا للقليلين و المحظوظين، كان يحدد لهم بالضبط الساعة بعدما ينظر لهنيهة للسماء…
تلك العبارة دفعتني للبحث عن هذا المغربي الشجاع لأقرأ عنه أشياء ما كنت أبدا في الحسبان فدخلت معه دروب التضحية و مقاومة الاستعمار ، عبارة تنير ببريقها الساحر دروب و أحياء مدينة الدار البيضاء، تتلمس منها رجالا ضحوا بالغالي و النفيس فداء للوطن و للمغرب ، كانت الغيرة الوطنية و الرجولة و الدفاع عن القيم و مبادئ الإسلام و التمغربيت تحركهم و يبذلون لأجلها كل غالي حتى أرواحهم كانت فداء هذه القيم، عندما تقف أمام تلك اللوحة التذكارية وترى أن مغربيا كان هنا يعيش هنا خرج من أحياء المدينة الفقيرة ليقول هذه الكلمة تعرف أنه شعب عظيم و آباء و أجداد عظام قدموا أرواحهم ليبقى المغرب عاليا بعيدا عن الاستعمار…

تلك العبارة المكتوبة بدم الأحرار، وضعت على ظهر مبنى مجلس مدينة الدار البيضاء.. فبعدما تجاوزت سيرا اللوحة الرخامية التذكارية وجتدني أشاهد مقر مجلس مدنية الدار البيضاء، لا أعرف كيف تسللت ابتسامة ساخرة الى فمي بعدما كانت تمتمات وكلمات تحركه، ربما سخرت من السياسيين الذين يجلسون فوق تلك المكاتب المريحة يتقاسمون الكعكة التي قدم الراشدي و إخوته دمائهم و أرواحهم من أجل هذه المدينة، و لسوء الصدف أن توضع اللوحة التذكارية خلف مبنى يجمع الصالح و الطالح، و أغلب من فيه لا يهمه المدنية و لا البلد بقدر ما يهمه رصيده البنكي…
مع تلك الاضطرابات التي اختلجتني بين مقاوم ضحى لأجل المدينة و البلاد و أناس يجلسون في مكاتب فاخرة باسم السياسة، وددت لو نزل جميع من في المبنى وجلسوا بالقرب من تلك اللوحة التذكارية ورددوا ألف مرة كلمة الراشدي لعل وعسى أن تسيقظ فيهم بعض الغيرة الوطنية، وتذكرهم أن الوطن ليس في قبعة عليها علم المغرب يرتدونها في المهرجانات أو في رنين الهاتف بأغنية النشيد الوطني، المملكة المغربية الشريفة و الوطن أكبر من ذلك بكثير.. المغرب مغرب الأمجاد و الوطنية الخالصة التي ضحى من أجلها رجال عاهدوا الله وضحوا بأنفسهم فداء هذا البلد و الراشدي أكبر دليل و كلمتة أكبر رسالة لأولئك السياسيين الجالسين في مكاتبهم المكيفة….ومن هنا ندعوهم للنزول قليلا وعدم ركوب سياراتهم الفارهة و الوقوف بالقرب من لوحة الراشدي وقراءة ألف مرة “دعوني أرى سماء بلادي”…

Exit mobile version