Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

قضاة وعدول يدعون لتعزيز الترسانة القانونية لمواجهة مافيا العقار

دعا قضاة و عدول و محامون و خبراء قانونيين في ندوة وطنية، جسدت الشراكة بين المجلس الأعلى للسلطة القضائية و الهيئة الوطنية للعدول بالمغرب، الى توحيد نظام التوثيق بين العدلي والعصري، بما يضمن الانسجام القانوني ويُيسر مساطر العقود و توضيح مضامين دوريات المحافظ العام، لتفادي التأويلات المتعددة التي قد تؤثر سلبًا على الأمن العقاري و إعادة صياغة المادة 4 من مدونة الحقوق العينية، التي تثير إشكالات عملية تؤثر على توثيق التصرفات و مراجعة مقتضيات قانون المالية فيما يتعلق بتعويضات نزع الملكية للمنفعة العامة، بما يراعي الإنصاف القانوني، و فرض الإدلاء بشهادة أداء الضرائب المتعلقة بالعقار موضوع المعاملة فقط، دون ربطها بباقي ممتلكات الطرف البائع.
و شدد المشاركون في الندوة الوطنية تحت عنوان ” الأمن العقاري الإكراهات و الآفاق” على تعديل المادة 109 من ظهير التحفيظ العقاري، بإضافة إمكانية ممارسة الطعون غير العادية إلى جانب الاستئناف والنقض، و تعزيز الإطار القانوني لعمل الخبراء، خاصة في ما يتعلق بتقييم العقارات لإعداد الخبرات القضائية، و رفض صياغة نصوص قانونية تحت ضغط الأزمات، لضمان الاستقرار التشريعي وجودة القوانين، و إعادة صياغة بعض المفاهيم القانونية الواردة في القوانين العقارية، والتمييز بين ما هو موضوعي وإجرائي، و توحيد النصوص القانونية في مدونة عقارية شاملة ومبسطة، و تحديد طرق إثبات ملكية الأراضي السلالية، وضمان حمايتها قانونيًا، و وضع آليات قانونية لحماية المستهلك في مجال التعاقدات العقارية، و تبسيط مساطر التحفيظ، خصوصًا الأراضي الواقعة في دوائر الضم، وتوسيع صلاحيات النيابة العامة لحماية الحيازة، و تعديل الفصل 570 من القانون الجنائي، لتجريم كل فعل ينتزع الحيازة أو يعرقل الانتفاع بالعقار دون مبرر، مع تمكين القضاء من إعادة الحالة إلى ما كانت عليه تلقائيًا.
و شكلت الندوة العلمية مناسبة علمية ومهنية بارزة، سلطت الضوء على تعدد الإشكالات التي تواجه الأمن العقاري بالمغرب، في ظل التحولات العمرانية السريعة، خاصة في المناطق القروية التي تشهد زحفًا حضريًا متزايدًا أدى إلى بروز تجزئات عقارية غير منظمة، مما ضاعف من تعقيد المعاملات العقارية وتوثيقها، وفي كلمتها الافتتاحية، أكدت السيدة عائشة العازم، رئيسة المحكمة الابتدائية بسوق السبت، على أهمية هذه المبادرة التي جمعت بين مختلف المتدخلين في منظومة العدالة، مبرزةً أن العلاقة بين الإنسان والعقار تتجاوز البُعد المادي، لتصبح أساسًا للاستقرار المجتمعي والاقتصادي، وهو ما يفرض تنظيمًا دقيقًا ومواكبة تشريعية متجددة.
من جهته، شدد الأستاذ إدريس الطرالي، رئيس المجلس الجهوي لعدول استئنافية بني ملال، على أن تحقيق الأمن العقاري يستلزم توافر تخطيط حضري فعّال وسياسة عقارية واضحة المعالم، معتبرًا أن العقار ركيزة أساسية لإنجاح السياسات العمومية، لاسيما في مجالات الاستثمار والتنمية المجالية، أما الأستاذ سعيد الصروخ، رئيس المجلس الجهوي لعدول استئنافية طنجة، فقد نوه بالشراكة المهنية بين العدول والجهاز القضائي، مشيرًا إلى أن القضاء لم يعد فقط سلطة تفصل في الخصومات، بل أضحى فاعلًا إداريًا ومجتمعيًا، عبر ما يعرف اليوم بقضاء القرب أو القضاء المجتمعي، داعيًا إلى تعميق هذا الدور في خدمة الأمن العقاري.
وفي السياق نفسه، اعتبر الأستاذ بوشعيب لوردي، وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بسوق السبت، أن “تعدد الأنظمة القانونية وتنامي الاستيلاء على عقارات الغير يفرضان مقاربة أكثر صرامة في ضبط المعاملات”، مؤكدًا أن “المنظومة العقارية الحالية بحاجة إلى إعادة هيكلة تشريعية تُعيد الثقة وتُقلّص النزاعات”، داعيًا إلى تعزيز التنسيق بين القضاء وباقي المتدخلين، وبناء رؤية وطنية مندمجة تقوم على تكامل الأدوار وتقوية التكوين المستمر للعدول والموثقين لمواكبة التحولات القانونية والتقنية.
وقد عرفت هذه التوصيات تجاوبًا واسعًا من المشاركين، الذين أجمعوا على ضرورة تعزيز التنسيق بين مختلف المتدخلين في منظومة العقار، وتكثيف التكوين المستمر للمهنيين، مع تثبيت دور القضاء كركيزة ضامنة للأمن العقاري والتوازن المجتمعي، و تم التنويه بالجهود التنظيمية التي بذلتها اللجنة المشرفة، وبالانخراط الجاد للمتدخلين في إغناء النقاش، فيما دعا المشاركون إلى استمرارية هذه اللقاءات العلمية من أجل مواكبة التحديات المتجددة التي يعرفها المجال العقاري بالمغرب

Exit mobile version