جاءت الذكرى الـ 25 لاعتلاء جلالة الملك محمد السادس العرش في المغرب، بالعديد من الأخبار السارة والمفرحة، وكانت مناسبة أيضا لإبراز العلاقة العميقة التي تربط جلالة الملك بشعبه الوفي.
وفي جو من الاحتفال بهذه الذكرى العظيمة، توجت الجهود الدبلوماسية الكبيرة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله، باعتراف الدولة الفرنسية بمغربية الصحراء.
هذا الاعتراف التاريخي لم يكن سوى نجاح سياسي ودبلوماسي للمغرب برمته وتتويجا لجهود جلالة الملك، حيث عمل المغرب خلال هذه الفترة بهدوء وتكتم لتغيير الرأي العام الدولي ومواقف الدبلوماسيين الأجانب بهدف دعم وحدة أراضي المغرب وعدم القبول بأي تنازل فيما يتعلق بالوحدة الترابية للمملكة.
وأمام هذا النجاح، تفتح الخطوة الفرنسية الباب على مصراعيه لاعتراف أوروبي كامل بمغربية الصحراء بعد اعتراف الولايات المتحدة ودول أخرى في أوروبا وأفريقيا وآسيا بواقعية مبادرة الحكم الذاتي التي تطرحها المملكة المغربية.
المغرب خلال ربع قرن من حكم جلالة الملك محمد السادس نصره الله، عرف العديد من الأحداث والانجازات الكبرى في مختلف المجالات والأصعدة، وخاصة في المجال الدبلوماسي الذي حققت فيه المملكة، “اختراقات” كبيرة على المستوى الدولي.
ويظهر التقدم الذي أحرزه المغرب في قضية الصحراء المغربية، على مستويات عديدة، حيث لم يكفي المغرب خلال ربع قرن من حكم جلالة الملك محمد السادس، في الدفاع عن الصحراء من العاصمة الرباط، أو في المحافل الدولية، بل قرر أن يجعل من أبرز مدينتين في المنطقة، وهما مدينتي العيون والداخلة، عاصمتين دبلوماسيتين بامتياز.
في هذا الصدد، نجح المغرب في إقناع أكثر من 20 دولة بالاعتراف بسيادته الكاملة على الصحراء وفتح تمثيليات دبلوماسية لها في المدينتين، وبالتالي توجد اليوم أكثر من 20 قنصلية دولية موزعة على المدينتين.
ولم يقف هذا النجاح عند هذا الحد، بل جعل المغرب من العيون والداخلة مكانا لاحتضان العديد من الملتقيات والتظاهرات الدولية، آخرها كان عقد أشغال الدورة الثالثة للجنة المختلطة للتعاون بين المغرب وغينيا بيساو.
وسجل العديد من الخبراء من الخارج، أن ما يميز عمل المغرب في قضية وحدته الترابية، أنه كانت هناك تحركات على عدة واجهات، دبلوماسية وسياسية واقتصادية وثقافية، بهدف توسيع دائرة الأصدقاء على قاعدة تبادل المصالح والمنافع والندية الكاملة، ما جعل المقاربة المغربية تجد صدى كبيرا خاصة في أفريقيا وتوجه ضربة كبيرة للعمل الدبلوماسي الجزائري.
هذه الاستراتيجية الفريدة والنجاح المغربي ساهم في تأمين اعتراف دول كبرى وقوية، مثل فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية واسبانيا، وغيرها من الدول.
ويعد الاعتراف الأمريكي بالسيادة المغربية الكاملة على الصحراء، أيضا من بين أقوى النجاحات الدبلوماسية في تاريخ هذا الملف، بالنظر إلى قوة ووزن واشنطن على المستوى الدولي، وما يمكن أن يخلف هذا الاعتراف من تداعيات دبلوماسية لصالح المملكة المغربية.
هذا الاختراق الدبلوماسي الضخم بقيادة جلالة الملك لم يتوقف هنا، وجاء الدور على إسبانيا، التي أعلنت في مارس 2022، في رسالة بعث بها رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز إلى العاهل المغربي، جلالة الملك محمد السادس، بدعم مدريد لمبادرة الحكم الذاتي، كحل واقعي وذو مصداقية، لحل نزاع الصحراء تحت السيادة المغربية.
ونجح المغرب أيضا في دفع دول أوروبية أخرى، لتبني موقف مماثل لإسبانيا، ومن أبرزها ألمانيا، التي أعلنت دعمها لمقترح الحكم الذاتي لحل نزاع الصحراء.
وفي سياق هذا النجاح، صرح وزير الخارجية ناصر بوريطة، بأن عشر دول أوروبية أعربت بشكل واضح عن تقديرها الإيجابي لمبادرة الحكم الذاتي، على رأسها دول مثل البرتغال واللوكسمبورغ ورومانيا وقبرص وغيرها.
ورغم النجاحات التي حققها، المغرب في إفريقيا وأمريكا وأوروبا وآسيا، فإن الدبلوماسية المغربية لم تنس أمريكا اللاتينية التي كانت لعقود طويلة واحدة من أبرز الدول التي تدعم جبهة البوليساريو الانفصالية.
ويعمل المغرب خلال السنوات الأخيرة على تكثيف نشاطه في القارة اللاتينية، ودفع العديد من العواصم لإيقاف دعمها لجبهة البوليساريو، وشرع في بناء أواصر العلاقات الدبلوماسية حتى مع البلدان التي كانت معادة للوحدة الترابية، حيث نجح المغرب في دفع العديد من دول أمريكا اللاتينية لدعم مقترح الحكم الذاتي لحل نزاع الصحراء، من بينها دولة البيرو، إضافة إلى السلفادور.
المغرب خلال هذه المدة استطاع حسم النزاع المفتعل لمصلحته بنقط كبيرة، وهو ما جعل فرنسا وغيرها من الدول تعي أشد الوعي أكثر من أي وقت سبق بأن المغرب دولة ذات مصداقية وفاعلية كبيرة، وقوة فاعلة على المستوى الإقليمي وحتى الدولي.