Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

“كرموسة” الحكومة و”شْريط” أوكرانيا

أحيانا يمكن أن تتعب كثيرا كي تفهم توجهات هذه الحكومة، لكن لن تخرج بشيء بتاتا، لأن هذه الحكومة ليس لها منطق ولا تسير وفق قواعد مضبوطة، يمكن أن تحاسبها وفقها، فهي حكومة بدون توجهات استراتيجية، فحين يأتي وزير مثل بايتاس لا يعرف شيئا عما وقع ويقع في أوكرانيا، ليدلي بتصريح حول إبراهيم سعدون، الطالب المغربي الحاصل على الجنسية الأوكرانية، مورطا الحكومة بشكل رسمي في قضيته.
المغرب اختار منذ البداية الوقوف في المساحة الديبلوماسية الواقعية، وانسحب من جلسة التصويت ضد قرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة يدين روسيا، معتبرا أن الخلاف بينهما والحرب الدائرة هناك “لا ناقة له فيها ولا جمل”، وأنه يساند الحل السلمي للنزاع كباقي النزاعات في العالم، مبدئيا المغرب ضد النزعات الانفصالية من أية جهة كانت لكن ليس طرفا بأي شكل من الأشكال في هذه الحرب.
المغرب التزم المبادئ الأممية الداعية للسلم والسلام، وبالتالي لا يمكن أن يكون لديه “أسير حرب” لدى روسيا كما صورت ذلك وكالة الأنباء الفرنسية في قصاصة مغالطة بشكل كبير، فإبراهيم سعدون واحد من إثنين، إذا كان حاصلا على الجنسية الأوكرانية، ومنخرطا في جيشها فهو مقاتل أوكراني وأسير حرب أوكراني، وإذا كان في طريقه للحصول على الجنسية وانخرط في الحرب فهو يدخل في إطار “مقاتلون من أجل أوكرانيا” وهو فريق حربي يضم مرتزقة أجانب من كل حدب وصوب، ولا علاقة للمغرب بذلك.
الحكومة غير معنية بالطريقة التي تم بها إطلاق سراح إبراهيم سعدون، فطبيعة العملية معقدة بدءا من وضع حكومة كييف العشرة الأجانب على رأس لائحة التفاوض مع روسيا، وتدخل محمد بنسلمان، ولي العهد السعودي باعتباره وسيطا في المفاوضات وتدخل جلالة الملك لدى ولي العهد السعودي.
غير أن المغرب رسميا لم يصدر أي بلاغ بهذا الخصوص ولا هو طالب ذات يوم باستعادة سعدون، لأنه كما قلنا العملية معقدة، وليس فقط لأنه مغربي ستقوم الحكومة بالدافع عنه، هل نسي بايتاس ومن معه ومن يدور في فلكه ومن يدور في فلكهم أن هناك مغاربة آخرين لم تسقط عنهم الجنسية كما سقطت عن إبراهيم سعدون إن صح تجنيسه أوكرانيا وانتماؤه للجيش الأوكراني، ينتمون لتنظيمات داعش والقاعدة معتقلون في سوريا والعراق وليبيا، فهل ستتدخل حكومة أخنوش من أجل إطلاق سراحهم، وكانت حكومة بنكيران الأولى وتحت فورة الفرحة بالفوز طلبت من الحكومة العراقية تسلميها متهمين بتفجير مراقد دينية عراقية.
ليس من مهام الحكومة التدخل في أمور معقدة مثل هذه التي تحتاج تدبيرا خاصا، وبدل ذلك فلتهتم بمشاكل الجالية المغربية التي لا تعد ولا تحصى، وتصغي لصرخات الجمعيات، التي تحذر من تعيين شخص معروف في منصب كاتب قطاع مغاربة العالم، والأمور المعقدة لها أهلها وأصحابها ونقول: شنو دخل “كرموسة” الحكومة فـ”شْريط” أوكرانيا.

Exit mobile version