Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

كلام عن حرية الصحافة بمناسبة اليوم العالمي للصحافة

خلّد العالم أمس الثلاثاء اليوم العالمي للصحافة، وهو مناسبة للحديث عن حرية الصحافة في العالم، وتقوم من المؤسسات ومراكز البحث بترتيب الدول في سلم حرية الصحافة، ويبقى هذا الترتيب نسبيا بالنظر إلى موضوع الحرية، الذي لا يمكن إلا أن يكون نسبيا، فكونية الحرية والحقوق والديمقراطية وغيرها، تتجسد في تنزيلها في بيئة مخصوصة، وبالتالي فهي تختلف أزمنة وأمكنة.
فحرية الصحافة ليست مفهوما موحدا أو لباسا يمكن أن يرتديه كل واحد بل هو ثوب خام، يحتاج إلى تفصيل دقيق في كل بيئة ومجتمع، وفق الظروف والشروط، التي لا يمكن تعميمها، فلا يمكن تطبيق الديمقراطية الفرنسية في أمريكا ولا يمكن تطبيق الديمقراطية البريطانية في أي بلد آخر من العالم، وهكذا هو الأمر بالنسبة لباقي دول العالم، لأن الديمقراطية هي صيغة للحكم وليس نظاما للحكم، وما قيل عن الديمقراطية يقال عن حقوق الإنسان.
فهذه الأخيرة ليست معطى أو قالبا يمكن نقله من مكان لآخر، لأن الكونية دائما تتجلى في الخصوصية، وحتى بين الدول، التي لها باع طويل في هذا المجال، توجد اختلافات جوهرية، فكيف نفهم أن دولا غربية منها من يبيح الإجهاض ومنها من يمنعه؟ ومنها دول تبيح استهلاك المخدرات في “الكوفيه شوب”، ومنها من يسمح بزواج المثليين ومنها من يعتبرها ممنوعا وغير مسموح به، فما بالك إذا انتقل ذلك إلى بلدان ما زالت تتمسك بهوياتها الأصلية؟
الحديث عن حرية الصحافة لا يمكن التطرق إليه خارج هذا الفهم، وإلا سقطنا في “الكوبي كولي”، غير المعقولة في مجال يخضع للأفكار والأهواء وطبيعة استهلاك المعلومة بل بالطبيعة الاستهلاكية عموما، فلا يمكن مقارنة الصحافة في بلدان ذات نمط استهلاكي رأسمالي، تباع فيه الخديعة باسم حرية التعبير، بينما تمارس دكتاتورية غير خفية عن التحكم في الرأسمال، يعني أن “البزناز” هو الذي يبيع المعلومة والخبر وهو الذي يسوقه بما يخدم أهدافه، لا يمكن مقارنتها ببلدان أخرى تعيش أنماطا استهلاكية مختلفة.
فالتعددية الصحافية والإعلامية لا تعني بتاتا الحرية. ففي بلد توجد مئات الصحف المكتوبة ومئات المواقع الرقمية ومئات القنوات والإذاعات إن لم نقل الآلاف كأمريكا، لكن في في النهاية ظهرت كلها بموقف واحد من الأزمة الأوكرانية لا يخرج عن نطاق ما تريده الدولة العميقة وما يفصح عنه جو بايدن.
في المغرب هناك حاجات مختلفة للإعلام، ففي مجتمع يطغى فيه إعلام “روتيني اليومي” تعاني الصحافة الجادة الأمرين، فمن جهة ضعف المقروؤية ومن جهة أخرى عدم الإقرار بحاجة الدولة إلى الإعلام وإلى الصحافة، وهي حاجة لا تعني التنميط.
هناك تعددية إعلامية، لكنها تعددية لا تعكس الحرية. فليس انعدام الحرية هو اعتقال الصحفيين بسبب كتاباتهم، وهو الأمر غير الموجود عندنا الحمد لله، ولكن “التحكم” الذي تمارسه الحكومة يعتبر اعتداء على حرية الصحافة. التحكم في “صنبور” الإشهار والإعلانات قتل للتعددية لأنه لا يفتح إلا لمن يوالي حكومة عزيز أخنوش ومن ينتقدها مصيره إغلاق الصنبور الذي قد يؤدي إلى الإغلاق.

Exit mobile version