إحدى النقط المسكوت عنها في محاربة الفساد في المغرب، هي تحديد كلفة الفساد. تحديد الكلفة مهم جدا في مكافحة الفساد والرشوة، لأن هو من يحدد لنا القيمة المادية والمعنوية التي نخسرها نتيجة ممارسات الفساد في شتى مناحيه.
رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، جاء إلى البرلمان بغرفتيه وشدد على أن حكومته قامت بما لم يقم به غيره ولم يبق له سوى وصفها بحكومة “المعجزة”، ناسيا أن تقارير مهمة ومن مؤسسة دستورية تفيد أننا لم نتقدم في هذا المجال، لسبب أساسي ورئيسي، الا وهو عدم تفاعل الحكومة مع المبادرات والخطط المرسومة لمحاربة الفساد وكلما تقدمت المؤسسات المعنية بمكافحة الفساد بمشروع لم يجد له مكانا في عمل الحكومة، التي لا يعترف رئيسها بالمؤسسات الدستورية.
الرقم الخطير حول كلفة الفساد، هو 50 مليار سنويا، وهي كلفة ثقيلة، وصادرة على جمعية مهتمة بحماية المال العام، لكن من يسمع لجميعة أو تجمع أو حزب، فرئيس الحكومة لا يريد أن ينصت للمؤسسات الدستورية، وقد هاجم بقوة ومن على منبر مجلس المستشارين، (هاجم) المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، معتبرا تقريره حول الشباب خارج الشغل والمدرسة والتكوين غير ذي قيمة وأن ما أنجزه حزبه أفضل من ذلك بكثير، وأن المجلس لم يقدم شيئا، ولم يقدم حلولا.
ليست المرة التي يهاجم فيها رئيس الحكومة المؤسسات الدستورية، عندما تصدر تقارير لا تعجبه، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، كما أن المؤسسات نفسها تبادله نفس “الإحساس والشعور”، وسبق لأحمد الحليمي، المندوب السامي للتخطيط على سبيل المثال وليس الحصر، ان قال إن الحكومة والوزارات لا تتفاعل مع التقارير التي نصدرها.
ولهذا لن تهتم الحكومة بأي تقرير حول كلفة الفساد، بما أنه ليس لديها رغبة قوية في القضاء عليه، وهذا مضر بشكل كبير بالبلاد.
لما ينتشر الفساد تتأثر به جميع مرافق الحياة. أولا كلفته ثقيلة لأن هذا المبلغ المالي الكبير الناتج عن الفساد، والذي يذهب سدى، هو مبلغ مقطتع من ميزانية المغاربة، ويؤدي ثمنه المواطنون، فهو يعني ضياع لكثير من المشاريع المهمة بالبلاد.
فليس الملبغ وحده يضيع ولكن ما يترتب عنه من عجز في كثير من القطاعات، ومع تراكم الفساد تتراكم الخسارة.
كلفة الخسارة لا يمكن حسابها عن طريق الأرقام فقط ولكن النتيجة الاجتماعية والثقافية، فلا ينبغي أن ننسى أن الفساد يتحول من ممارسة غير قانونية إلى سلوك ثقافي، وبعد أن يتم التطبيع معه يقتل المجتمع ويعطل الاستثمار.
لا يمكن في بلد يتحرك فيه الفساد ولا يجد من يقف في وجهه، بل يجد التشجيع الكامل، ان تظهر علامات التنمية والنمو، ولهذا لا نستغرب أن بلدنا لا تتقدم في كثير من المجالات وأن يتم تصنيفها في تقرير أممي في الرتبة 120 في التنمية البشرية رغم المجهودات الكبيرة المبذولة.
كلفة الفساد في المغرب
