Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

كيف يفهم المغاربة الديمقراطية؟

يشكل “مؤشر إدراك الديمقراطية” آلية لفهم تصورات المواطنين في كل مكان عن الديمقراطية، وهو أيضا أداة للاستدلال على أن الديمقراطية لا يمكن أن تكون نسخة واحدة، لهذا يصدر مؤشر إدراك الديمقراطية كل سنة مختلفا، وتكون تصورات المواطنين في كل بلد مختلفة عن تصورات المواطنين في بلد آخر، وهذه السنة يمكن تلخيص ما وصل إليه من إدراك المغاربة للديمقراطية على أنها من “الكماليات السياسية”.
لا يوجد في التقرير ما يسيء للمغرب ولكنه يفتح الطريق أمام الفهم الصائب لتصورات المغاربة، إذ أن أغلبية المستجوبين في المغرب أكدوا أن الهدف الأساسي من الديمقراطية هو تحسين مستويات المعيشية والرفاهية.
فيما يخص ثقة المواطنين في إمكانية انتقال السلطة، سجل المغرب تقييماً مرتفعاً في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بلغ 3.12 من 5، ما يعكس وعياً متزايداً لدى المغاربة بأهمية السلمية السياسية في عملية التغيير القيادي، ويساهم في رفع تصنيف المنطقة عموماً على هذا المؤشر.
أما على صعيد تقييم أداء الحكومات، فقد أشار المؤشر إلى أن المعدل العالمي لا يزال دون التوقعات، إذ بلغ 2.77 من أصل 5. ويشمل هذا التقييم أداء الحكومات في 18 مجالاً حيوياً، أبرزها التعليم، وتكلفة المعيشة، والأمن، والبنية التحتية، وحماية البيئة.
ويصنف المغرب ضمن الدول التي تحتاج إلى تعزيز الأداء المؤسساتي لتحسين جودة الخدمات العمومية وتلبية تطلعات المواطنين، خاصة تلك غير المنتمية إلى منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.
القضية إذن واضحة، فهذا التأخر في الإدراك للديمقراطية ناتج عن أداء الحكومة، لأن إدراك الديمقراطية يخضع للمستوى الاجتماعي، وهذا ما يصطلح عليه بأن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية هي الأرضية العامة للحقوق بمفهومها العام.
لا يمكن الحديث عن الحريات الفردية في بلد يحتاج فيه المواطن إلى الشغل والسكن والدواء. في بلدان كأمريكا وأوروبا مثلا والتي قطعت شوطا طويلا في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، تختلف الحقوق فيها عن الحقوق التي يرغب مواطن فيها مواطن من العالم الثالث، حيث الخدمات في أدنى مستوياتها.
من هذا المنطلق يأتي التأكيد على أن إدراك الديمقراطية لدى المغاربة لا علاقة لها بديمقراطية “الترف”، وان بعض الدعوات إلى الحرية الفردية وغيرها ليست ذات أهمية بالنسبة للمغاربة وأن ما يهم المغربي هو أن تحسن الديمقراطية مستويات المعيشة لديه.
هذا الأمر قد تكون له انعكاسات سلبية إذا لم يتم تداركه، فالمغربي يفهم من الانتخابات أنها ستفرز حكومة تحسن وضعه الاجتماعي، وإلا ستصبح الانتخابات بدورها من “الترف” وبالتالي لن تعود تعني له شيئا في وقت من الأوقات، حتى أنه ممكن أن يفضل عليها حكومة تقنوقراطية غير منتخبة.
إذا لم يتم ربط الانتخابات بتنزيل البرامج الانتخابية، التي تتضمن عددا من الخدمات الملموسة فإن إدراك الانتخابات سيتدنى وبالتالي لن يعود مرغوبا فيها، ومن هنا يمكن تفسير العزوف السياسي.

Exit mobile version