إدريس عدار
وضع الدستور رهن إشارة الحكومة العديد من المؤسسات والإدارات. وهي كلها في خدمة الحكومة. توجد مؤسسات مستقلة وتنجز عملا مهما وهي مستقلة عن الحكومة لكن المفروض أن تستفيد منها الحكومة بل الواجب أن تقوم بتنفيذ ما يصدر عنها. تصدر عن هذه المؤسسات تقارير دورية وسنوية حول الوضع الاقتصادي والاجتماعي، لكن تبقى طي الرفوف.
لنأخذ مثال واحد، هو المندوبية السامية للتخطيط، التي تصدر نشرات منتظمة حول أغلب القضايا التي تهم البلاد. اليوم يحذر المسؤول الأول عنها من حالة اندحار جماعية قد يدخلها المغرب بسبب التضخم. حذر أكثر من مرة من هذا الوضع. المندوبية حذرت منذ وقت سابق مما وصلنا إله الآن، وهي تحذر مما يمكن أن نصل إليه غدا.
مرة تمت الإشارة إلى هذه المؤسسات بسوء، وخصوصا المندوبية وبنك المغرب والمجلس الاقتصادي والاجتماعي. لا يعني هذا أن ما يصدر عنها غير قابل للنقاش وإلا فإن الحليمي اعتبر رفع سعر الفائدة لن يحل المشكل. المهم أن الأمر يقتضي النقاش المفتوح والشفاف والمعقول البعيد عن الدعاية السياسية، فليس عيبا أن تتم المكاشفة بين المغاربة جميعا. مكاشفة نعرف فيها وضعنا الحقيقي لا الوضع الوهمي.
قبيل رمضان الكريم سوقت الحكومة لانخفاض في الأسعار. لكن مع دخول رمضان التهبت الأسعار حدا لا يطاق. فمن باب المصداقية، التي هي رأسمال لا يتخلى عنه السياسي، القول الصريح بما يقع. الحليمي اليوم يقول إن ارتفاع الأسعار ليس لع علاقة بالأزمات العالمية ولا علاقة له بالحرب في أوكرانيا. قد تكون للأزمة الدولية بعض تأثير على الوضع في المغرب، لكن المسؤول المغربي اعتبر أن الأزمة داخلية.
لا نتمنى لبلدنا أن ينطبق عليه “ويخربون بيوتهم بأيديهم”.
عود على بدء. لأي شيء تصلح هذه المؤسسات إن كانت تقاريرها تضيع الجهد والمال؟ لماذا نهدر الزمن في تقييم لا يأخذ به أحد؟
لكن على الحكومة ألا تنسى أن هذه المؤسسات دستورية. هي ضرورة لسير البلد. لا يمكن أن نسير دون تخطيط. ولا يمكن التخطيط دون المعرفة الدقيقة للواقع. الحكومة ترسم السياسات لكن تحتاج للمعطيات الواقعية التي على ضوئها تبني تصوراتها. يبدو أن الحكومة أحدثت قطيعة مع المؤسسات المكلفة بهذا الشأن.
هناك خلل لابد من معالجته. يدور الحديث دائما عن دور تقارير المجلس الأعلى للحسابات مادامت لا توقف يدا عن السرقة.
الفعالية هي أساس وجود هذه المؤسسات. الحكومة لا ينبغي أن تنزعج من الحقيقة بل من مصلحتها أن تنصت لمن يقول الحقيقة أما من يصبغها فهو يريد الخراب. إذا لم تصبح تقارير المجلس الأعلى للحسابات تؤدي إلى السجن وتردع المخالفين، وتقارير المندوبية السامية للتخطيط أرضية عملية لرسم السياسات العمومية فإن هذه المؤسسات ستبقى تنتج ورقا تأكله الرطوبة مع الزمن.
لأي شيء تصلح المؤسسات العمومية؟
