Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

“لفراقشية” بين المعارضة والأغلبية

تضاربت الأرقام والآراء حول عمليات استيراد الأبقار والأغنام، التي تم تخصيصها بدعم كبير جدا استفادت منه قلة من المستوردين، وبينما تم استعماله في تصفية حسابات بين مكونات الأغلبية استعدادا للانتخابات المقبلة، خرجت المعارضة بالخبر اليقين حيث كشفت بالوثائق عن المستفيدين وحجم الاستفادة التي لم تؤثر على أسعار اللحوم.
كان فوزي لقجع، الوزير المكلف بالميزانية في حكومة عزيز أخنوش، قال إن الدعم الموجه لاستيراد الأبقار والأغنام كان خطأ، لأنه لم يؤد إلى النتائج الموجه إليها، وكان نزار بركة، وزير التجهيز والماء والأمين العام لحزب الاستقلال قال إن 18 من كبار المستوردين حصلوا على ألف و300 مليار سنتيم، وكان رضى مزور، الوزير الاستقلالي قال إن 18 محتكرا لسوق اللحوم هم من يتحكم في الأسعار، بينما قال الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب والقيادي في التجمع الوطني للأحرار، إن 100 مستورد حصلوا على 300 مليار سنتيم.
تناقضات الأغلبية ليست مهمة لأن الأغلبية هذه الأيام تتنصل من الحكومة كأنها تعاني من الجذام أو الجرب، وكل واحد من الأحزاب الثلاثة يقول “نفسي نفسي”، وهذا ما استفادته الأغلبية الحالية من الأغلبية السابقة حيث تنكر التجمع لحليفه العدالة والتنمية واستطاع الهروب من الفشل وتحقيق الرتبة الأولى، لكن ما يهمنا اليوم هو موقف المعارضة وليس فقط الموقف ولكن دورها في الكشف عن حقيقة الأرقام التي يتم تداولها.
وقد خرج محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام للتقدم والاشتراكية، عن صمته في هذا الملف، معتمدا على أرقام رسمية يتبين من وثيقةٍ حكومية رسمية بينت أنَّ الرقم الإجمالي الصحيح لحجم الإعفاءات الضريبية، المتعلقة باسترياد الأبقار والأغنام، ناهز 13.3 مليار درهماً، وأن العدد الإجمالي للمستوردين المستفيدين هو 277.
هنا تم حسم الأمر وبين أن تناقضات الأغلبية كان الهدف منها التغطية على القضية، التي أصبحت قضية رأي عام، وتبين اليوم أن دور المعارضة ليس فقط هو الخطاب المنبري النضالي من خلال منصة البرلمان، ولكن أيضا وهو الأهم الكشف عن الحقائق، التي تحرج الحكومة وتسعى إلى تغطيتها حتى لا تصل إلى المواطنين.
ولهذا لم يكن الأمر مجرد ترتيب جزافي لما جعل الدستور المعارضة تحظى بمكانة كبيرة، بل تقدم الحديث عنها قبل أي شيء في الدستور وجعلها من فصوله الأولى بعد فصول التعريف بالمملكة، وذلك بالنظر لأهميتها ودورها المحوري والمركزي في النظام الديمقراطي، كما نص على منحها لجنة العدل والتشريع حصرا في مجلس النواب.
الأهمية التي أولاها المشرع للمعارضة ليست اعتباطية، ولكن بالنظر لما ينبغي أن تكون عليه، وهو الدور الذي لم تفهمه الحكومة لحد الآن، بل إن الأغلبية استأسدت من خلال أرقامها العددية المنتفخة، ناسية أن المعارضة دورها المراقبة والكشف كي تخلق التوازن داخل النظام الديمقراطي، ولولا المعارضة ما تفجرت قضية صفقة تحلية مياه البحر، التي وجد رئيس الحكومة نفسه غارقا فيها.

Exit mobile version