Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

ماذا بعد التغيير الحكومي الإسباني؟

في كل فعل سياسي ودبلوماسي نبحث عن الأثر العملي، ولهذا لابد من التساؤل عن الأثر العملي للتغيير الحكومي الإسباني، الذي عصف بوزيرة الخارجية، آرانشا غونزاليس لايا، التي تمت تنحيتها من حكومة بيدرو سانشيز، حيث أدت، حسب مهتمين، ثمنا باهظا لقاء سلوكها غير المسؤول المتمثل في السماح بالاستقبال السري لزعيم انفصاليي البوليساريو، المدعو إبراهيم غالي، لكن أي ثمن ومن يطلب ذلك؟
يظن البعض أن هذا استجابة لمطالب المغرب، وهو ليس كذلك، فقد تكون تنحية وزيرة معروفة بتطرفها جزءا من الحل لكن لن ينهي النزاع، لأن المغرب غير معني بشأن داخلي إسباني إلا بأثره العملي على العلاقات بين البلدين، الموضوعة طبعا على مكتب رئيس الحكومة في نظام يعتبر فيه “رئيس الحكومة” محور السياسات العمومية ومنها السياسة الخارجية.
فتلطيف الأجواء لا يعني تنقيتها، لأن هذه الأخيرة مبنية على فعل التنقية التامة لكل الشوائب والزوائد التي تعطل السير العادي للعلاقات، فالمغرب لا يراهن على تغيير وزيرة أو وزير أو الحكومة برمتها، لأن هذا الأمر قد يلطف الأجواء فقط، والتلطيف جيد لكنه ليس مطلبا مغربيا، لأن بلادنا تشعر بالغدر والخيانة المرتكبة من قبل الحكومة الإسبانية، وليس وزيرة الخارجية وحدها، رغم أن المغرب قدّم كثيرا لهذه الجارة ناكرة الجميل.
فالمغرب يرى أن بينه وبين إسبانيا جرحا تسببت فيه الحكومة الإسبانية، التي استقبلت زعيم الانفصاليين، المتهم لدى عموم المغاربة بممارسة الإرهاب كما أنه متهم عند الإسبان أنفسهم، ومن علامات سوء النية الإسبانية هي استقباله متخفيا بهوية جزائرية مزورة دون إخبار المغرب، الذي لم يخف معلومات دقيقة عن إسبانيا جنبتها ويلات كثيرة وخصوصا ما يتعلق بالإرهاب والجريمة المنظمة وعصابات المخدرات.
فتنقية الأجواء تبدأ من خروج إسبانيا من منطقة الغموض بخصوص ملف الصحراء المغربية، باعتبارها عنصرا أساسيا في اللبس الحاصل لأنها الدولة المستعمرة سابقا لهذه الأجزاء من بلادنا العزيزة، وبالتالي هي تعرف أنها أرض مغربية انتزعت منه في إطار اتفاقيات استعمارية وفي سياق توزيع النفوذ بين الدول الأوروبية، وكلما مارست “لعبة الغميضة” زادت الملف تعقيدا في وقت كان عليها أن تساهم في حلحلة القضية خدمة للسلم العالمي.
اللعب على الحبلين، الذي تمارسه إسبانيا، تجارة فاشلة، لأن يقظة المغرب اليوم تمنع هذه الممارسات، التي تريد أن تعيش وتنمو وسط المنطقة الرمادية، التي لا تساهم طبعا في بناء أسس علاقات دولية متينة، لا علاقات مبنية على الرشاوى الكبرى المتمثلة في صفقات رخيصة.
لقد كان استقبال إبراهيم غالي بهوية مزورة مجرد النقطة التي أفاضت كأس “الغموض” الإسباني، فانتفض المغرب، ليعيد الأمور إلى نصابها حتى يسير القطار فوق سكته، لأن تركه يخرج خلافا لمطالب الضحايا هو دليل على عدم جدية الحكومة الإسبانية في اتخاذ قرارات منصفة سواء اجتماعية أو سياسية.

Exit mobile version