إدريس عدار
كتبت أمينة ماء العينين، القيادية في حزب العدالة والتنمية، تدوينة على صفحتها بفيسوك حول استقالة أحمد الريسوني من رئاسة الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين، “لقد كان الاتحاد محاولة لتجميع علماء المسلمين، وقد كانت له مواقف محترمة ومقدرة من القضية الفلسطينية وغيرها، وعموما لا يمكن أن يكون الاتحاد في حد ذاته خصما للمغاربة في لحظة تحتاج إلى تعبئة وطنية للدفاع عن مصالح المغرب، وظني أن رئاسة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين مهما كانت رمزية الموقع، ومهما كانت المواقف الرسمية وغير الرسمية من رئيسه المستقيل، كانت في مصلحة المغرب”.
ماذا خسر المغرب باستقالة الريسوني؟ أو ما هي مصلحة المغرب التي ستضيع؟ ماذا ربحنا من وجوده على رأس هذه الهيئة وماذا كنا سنربح لو بقي؟
فعلا كان الاتحاد محاولة لتجميع علماء المسلمين، لكن الحديث عنه الآن بعيدا عن الاصطفافات مغالطة بحد ذاتها. التجميع الأول كان منسجما مع المزاج السياسي العام، الذي كان عليه مؤسسه يوسف القرضاوي، لكن بعد أن تغير هذا المزاج تغير لون الاتحاد. تحول من محاولة تجميع إلى تجمع طائفي. ليس بمعنى أنه يجمع علماء طائفة معينة وهذا حقهم، ولكنه تجمع لتحقير طوائف أخرى. ولم يقف عند هذا الحد بل أصبح مزاج الاتحاد يميل حيث مال “الإخوان المسلمون” والدولة الراعية للربيع العربي.
أما المواقف المقدرة والمحترمة من القضية الفلسطينية، فيمكن تلخيصها في لحظتين معبرتين: الأولى عندما طمأن يوسف القرضاوي “إسرائيل” بأن “الثوار” في سوريا لن يكونوا ضدها، والثانية عندما أفتى أحمد الريسوني بحلية زيارة القدس خلافا لفتاوى العلماء، الذين لم يستطع الاتحاد تجميعهم.
وفيما يتعلق بخصومة الاتحاد للمغرب فهي غير واردة خارج “مزاج” الدولة الراعية له. القرضاوي قال كلاما في بشار الأسد أحرج معه مفتي سوريا آنذاك، وهو نفسه الذي أفتى بقتله. هل هذه إرادة أم فتوى؟ والشيء نفسه فعله مع القذافي، الذي ارتقى به إلى مصاف الأولياء تم سفك دمه؟
هذه المواقف لم تخضع للتغيرات الحاصلة في الواقع، ولكن كانت جزءا من معركة خاضتها الدولة الراعية بمعية آخرين أو تنفيذا لإرادة آخرين. فالاتحاد لا يمكن الحديث عنه بصفة المؤسسة المستقلة القادرة على إنتاج المعرفة الدينية وحماية القيم المحلية ورعاية التعددية والاختلاف، بل صدرت عنه مواقف تكفيرية في بعض الأحيان.
غير أنه ليس بالضرورة ألا تستفيد من مؤسسة من هذا الشكل، والاختراق وارد ومطلوب، ويمكن أن يكون في مصلحة المغرب، لكن هذا لن يكون إلا إذا تعلق الأمر بمؤسسة فيها تدافع بين مصالح متعددة، يمكن توظيفها أو استمالتها لخدمة مصلحة المغرب، لكن الاتحاد مرتهن لوظيفة ومرتهن للرعاية.
لم يخسر المغرب شيئا باستقالة الريسوني. منذ سنوات كتبت أن هذا الأخير دخل في ماكينة الترميز من خارج المغرب فتوجه الإعلام فقيها مقاصديا دون فتوى مقاصدية واحدة، واشتغل في كل محاور الوهابية، التقليدية والفكرية والسياسية، حسب الضرورة. الريسوني كان يعرف أن زمنه بالرئاسة شارف على النهاية لهذا بحث عن خروج “بطولي”، لأن الحاضنة غير مهيأة الآن لاحتواء مقامه، سواء على مستوى الحزب أو الحركة. ربما يبحث عن شيء آخر “هنا والآن”.
ماذا خسرنا باستقالة الريسوني؟

Ahmed Raissouni of Justice nad Development Party delivers a speech during the eigth edition of the National Youth Political Education Forum on 'Youth, reform and anti corruption' in Tangier on August 30, 2012. AFP PHOTO / ABDELHAK SENNA (Photo by ABDELHAK SENNA / AFP)