Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

ما هموني غير الرجال إلا ضاعو ….

طارق ضرار

يمشي بخطى هادئة تفتقد إلى الدقة في الحركة ، شارد الحال مهموم الوجه، كانت الشمس الحارقة تلحف بشرته ، و العرق المتصبب من جسده النحيل حول قميصه إلى منشفة ، ظل يمشي في الطريق يكلم نفسه و يتحدث إلى حاله، هكذا رمقته عيناي، اخدني الفضول للاطلاع على أحواله علني أجد ما أنفعه به للخروج من وضعه الصعب و لو بكلمة طيبة ، اقتربت منه أكثر كان في الخمسين من عمره، سمعته يردد كلمات أغنية “مهمومة هد الدنيا مهمومة “… والدموع تقف عند مقلتي عينه…. ظل يسير مطاطأ الرأس… عدت ادراجي بعدما آلمني المشهد و استحضرت بدوري كلمات أغنية الغيوان ” ما هموني غير الرجال الا ضاعو”….

لطالما حدث المغربي نفسه، وغاص في أعماق الكلمات بحثا، عن لغة تحاور مع النفس تختزل همومه و آلامه و معاناته، ولعل بعض التمتمات تكون كافية للتنفيس عن الدواخل ، و مخرجا من حالة القلق و الشرود و الحزن، فقد ضاقت الدنيا بأناس بيننا و أضحت المعيشة كربا لا يحتمل ، و ارتفعت تكلفة العيش، و قل الغذاء و ارتفع سعره و تألمت النفوس أمام غلاء غير مسبوق، و أضحى الرجال يبحثون عن الحلول لملأ كدر الحياة، و أحيانا يهيمون في الشوارع هربا من واقع أصبح مدلا، وظروف صعبت حتى قست، و اشتدت قسوتها حتى أدمت قلوب الرجال، و كثير من أرباب الأسر دخلو إلى غياهب البنوك بحثا عن قروض للعيش ، و ارتفعت السلفات من أجل سد لقمة العيش، واقع كشفته المندوبية السامية للتخطيط بالارقام و نبهت لارتفاع غير مسبوق في قروض الأسر من أجل مواجهة تكاليف المعيشة المرتفعة، كما حذرت من ارتفاع الأسعار ووقعها على عيش الأسر المغربية….
و للأسف مرت التنبيهات و التحديرات كما يمر السحاب و تطير الاوراق عبر الريح ، في غياب لحكومة تدبر أمر هؤلاء القوم من بني جلدتهم ، و أمام غياب نخبة سياسية تدير الأمور بتفاني، و حكومة ضاعت في توزيع الاتهامات وتعليق الفشل على ما يسمونه بالشويش عليها في لعبة صبيانبة لم تعد تنطلي على أحد، و غياب إعلام نصفه ذاق من الكعكة و النصف الآخر لا حول له و لا قوة في خلق نقاش صريح و هادف و الدفاع عن قوم ضربت جيوبهم و ضاعت قدرتهم الشرائية….

مشهد الرجل الهائم في الشوارع تكرر كثيرا ، أغلب الناس اليوم تعاني ضيق العيش، الكل مستاء من ارتفاع الأسعار ، وكلما توجه المغربي إلى السوق أو الحانوت الا وعاد حزينا ساخطا على وضع حوله إلى أداة دفع الأموال وآلة لسحب الأموال حتى سحبت منه ادميته في الاستماع بالحياة ، لاهثا وراء لقمة عيش حارقة بعدما غلت الأثمان و غابت الحلول و ظل الوضع في تفاقم ….

رجال يمشون بالشوارع يحدثون الأنفس عن واقع أضحى مريرا، عندما مسك التاجر أمور البلاد و العباد و وضع لغة البيع و الشراء فوق كل اعتبار انساني، وغاب السياسي و المثقف و الإعلامي و الجامعي و رجل الدين، و أضحى التاجر في الواجهة يتكلم لغة الأرقام و حديث الربح و الخسارة ….. حتى أضحى الرجال يحدثون الأنفس في الشوارع و ارتفع في سماء المغرب صوت يصدح ” ما هموني غير الرجال الا ضاعو”…..

Exit mobile version