Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

ما يهموني غير الرجال إيلا ضاعوا

حسناء زوان
في 20 فبراير، احتفى رفاق وأصدقاء عبد الرحيم برادة بالذكرى الثانية لوفاته التي صادفت هذا اليوم.. هذا اليوم الذي أريد ألا يذكره إلا من يعيشون على حلم مغرب ديمقراطي وحر.
حضرت هذا اللقاء، الذي كان تأبينيا لمناضل سياسي ومحام عرف بمرافعاته في المحاكمات، خاصة تلك التي حدثت في مراكش سنة 1971، والتي توبع فيها 193 شخصا بتهم محاولة قلب النظام، وهي محاكمة رافع فيها إلى جانبه 51 محاميا بارزا، ضمنهم عبد الرحيم بوعبيد ومحمد بوستة وعبد الرحمن بن عمرو
خلال هذه المناسبة التأبينية، التي نظمت من قبل جمعية ترانسبارانسي المغرب، كانت هناك قراءة في كتاب الراحل المعنون بـ”مرافعة من أجل مغرب علماني”.
رحل عبد الرحيم برادة وترك وراءه تاريخا نضاليا حافلا تطلب عدة ساعات من رفاق دربه، لاستعراض بعض من محطاته، كما احتاجوا وقتا طويلا لتحليل مضامين كتابه وتبين فكرته التي وردت على لسان محمد الساسي، الذي قال إن المؤلف يرى أن العلمانية هي حياة الدولة وليس إلحادها، ذلك أن الدولة المُلحدة ليست عَلمانية، فدينية الدولة لدى الأنظمة التقليدية تحولت إلى لا دينية.
كان نقاشا مستفيضا خلقه عبد الرحيم برادة حول العَلمانية والدولة حتى وهو ميت، فمن أية طينة كان هذا الرجل الذي كان كاتبا ومحاميا وسياسيا ومناضلا؟
عبد الرحيم برادة من طينة رجالات المغرب الذين لن يتكرروا، شأنه شأن محمد بوستة نقيب المحامين الأسبق الذي تخرج على يديه محامون مشهورون، ضمنهم عباس الفاسي، والذي عرف بقدرته على إطفاء الحرائق خلال تقلده عدة مناصب بدءا من حكومة بلافريج سنة 1958 التي عين فيها وزيرا للدولة في الشؤون الخارجية والتعاون، وقد تقلد هذا المنصب في عدة حكومات. هذا الرجل الملقب بـ الحكيم الصامت، لم يسمع منه المغاربة طيلة مشواره السياسي كلمة “طايحة” كما يفعل وزراء اليوم، بل خدم بلده كثيرا، خاصة في ملف الصحراء، حيث حشد الدعم للقضية المغربية الأولى، ودعا إلى تأسيس مجلس استشاري موحد بين المغرب والجزائر وتونس لتقوية العلاقات بين هذه البلدان المغاربية.
في قائمة هؤلاء الرجال، نجد أيضا عبد الرحمان اليوسفي، مهندس تجربة التناوب، وأول قيادي بحزب الاتحاد الاشتراكي يقوم بكسر الحاجز النفسي لعلاقة هذا التنظيم السياسي بالقصر الملكي، بعد أن ظل عدة سنوات متموقعا في المعارضة.

ولا ننسى آخر المغادرين لنا محمد بنسعيد آيت إيدر، شيخ اليساريين المغاربة، ومؤسس منظمة العمل الديمقراطي الشعبي، الذي ظلت سمعته خالية من الشوائب، “كاتلمع”.
رجال حقيقيون، ألهموا الكتاب لتتبع مساراتهم وكتاباتهم وتدوين مواقفهم، ونعيب عليهم أنهم رحلوا عنا ولم يتركوا لنا خلفا يليق بذكراهم.
عبد الرحيم برادة وهؤلاء الزعماء والوزراء والمسؤولون قل نظيرهم في واقعنا السياسي والحقوقي والنضالي.. كيف لا وقد ارتبطت أسماؤهم بالكثير من الأحداث التي كان لها تأثير في تاريخ المغرب السياسي، فهم لم يبصموا تاريخ المغرب بـ “جعجعاتهم” وخرجاتهم غير المحسوبة، ديال جيب آ فم وقول.. بلا ماتوزن..” بل بإسهاماتهم الفكرية ومواقفهم التي جعلتهم، وإن وقفوا معارضين لبعض السياسات، فقد كانوا يمارسون المعارضة بقواعدها و”تاويلها..” أين نحن من كل هؤلاء؟ ما رصيد من يحتلون اليوم قبة البرلمان في بلدنا؟ وماذا أنتج مسؤولو اليوم والوزراء الذين استلذوا حلاوة امتيازات المناصب؟ ماذا غيروا؟ وماذا أنتجوا للمغاربة؟ … الخبار في راسكم.

Exit mobile version