وصف مجلس الشامي، قانون النقابات بكونه يفتقد “للدقة والتناسق و الإنسجام”، وعاتب المجلس تغييب روح الدستور في القانون، معتبرا أن صياغة القانون إكتفت ببنود تنظيمية عوض إبراز الدور الرئيسي للنقابات في تكريس الديمقراطية التشراكية، ودورها الفاعل في تنمية الاقتصاد والدور المجتمعي.
و صدر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي رأياً بخصوص مشروع القانون رقم 29.19 المتعلق بالمنظمات النقابية، حيث جاء ضمن رأي المجلس الاقتصادي، المنشور في الجريدة الرسمية عدد 6989، أن مشروع القانون رقم 2419 لا يعتمد دائماً قواعد الصياغة القانونية الصارمة التي تتوخى الدقة والتناسق والانسجام، ويتجلى ذلك أساساً في الديباجة وعدد من المواد في ما يتعلق بالأسلوب وتوظيف مصطلحات ومفاهيم دون تعريفها، ودعا في هذا الصدد إلى الحسم في عدد من القضايا المهمة، مثل حصر مدة الانتدابات الخاصة بالمسؤوليات في أربع سنوات، واستمرار الانتماء النقابي وتحمل المسؤولية في حالة التقاعد.
وذكر المجلس، أن المشروع طرح على أنه يرمي إلى تنزيل أحكام الدستور، غير أن مضمون النص المقترح يكاد يحصر الأمر في تفصيل ما جاء في الفصل الثامن من الدستور بشأن إصدار إطار قانوني ينظم تأسيس النقابات؛ فيما تم إغفال أحكام الدستور الرامية إلى النهوض بأدوار المنظمات النقابات وتكريس الديمقراطية التشاركية.
ودعا المجلس ضمن توصياته إلى ضرورة إدراج الاتفاقيات الدولية في ديباجة المشروع، وتخفيف شروط تأسيس المنظمات النقابية والإجراءات المتعلقة بهذا التأسيس ليكون الأصل هو الحرية النقابية والمنع هو الاستثناء، وفتح إمكانية التعاون الدولي والدعم المالي في ما بين المنظمات، معتبراً أن التعاون الدولي بين المنظمات النقابية يقوي القدرة التنظيمية والاقتراحية والتفاوضية والتعاقدية.
وأشار المجلس في ما يخص ترسيخ الديمقراطية الداخلية للنقابات والهيئات المهنية، إلى أن ” المشروع لم يكن حاسماً في مسألة المناصفة، عبر المادة 8، إذ ظلت بعض المقتضيات عامة في ما يتعلق بتحقيقها، كتقلد مهام التدبير والتسيير، كما لاحظ الرأي الاستشاري أن المشروع حصر مدة الانتدابات الخاصة بالمسؤوليات في أربع سنوات دون تحديد عددها، ما لا ينسجم مع مبادئ الحكامة، ولا يساعد على إمكانية التداول وفتح الطريق أمام الشباب”.
وذكر المجلس، أن المادة 15 من مشروع القانون أعطت إمكانية استمرار العامل المحال على التقاعد في الاحتفاظ بعضويته في نقابته الأصلية أو الانخراط في نقابة أخرى من اختياره، لكنه لم يحسم بطريقة صريحة في أمر تحمله المسؤولية من عدمها أو استمرار تحمل المسؤولية إلى ما بعد نهاية فترة الانتداب، وهو ما اعتبره تردداً في أمور تعتبر مفتاحاً لتفعيل آليات الديمقراطية.
وشدد المجلس، على ضرورة تقوية مقتضيات المادتين 8 و15 والحسم في عدد من القضايا التي من شأنها تكريس نهج الحكامة والديمقراطية في تسيير هياكل المنظمات النقابية والهيئات المهنية، لاسيما في ما يتعلق بالدعم المالي المشروط بالمنافسة، وحصر عدد الانتدابات الخاصة بالمسؤوليات وفتح المجال أمام الشباب للولوج إلى الأجهزة التداولية لتجديد النخب، والحسم في تحمل المسؤوليات بالنسبة للمتقاعدين، كما تضمنت التوصيات عدم جعل إدارة النقابات وتسييرها حكراً على المغاربة دون سواهم من جنسيات أخرى، إذ قال المجلس إن اعتماد نص قانوني صريح يقصي الأجانب من مواقع المسؤولية النقابية يتنافى مع المعايير الدولية، خصوصاً الاتفاقية الدولية رقم 97 حول العمال المهاجرين، ورداً على التنصيص على منع تأسيس النقابات على أساس جهوي، قال المجلس الاقتصادي إن هذا المنع يبدو غير مبرر لأن المنظمات النقابية تتمثل مهمتها في الدفاع عن مصالح فئات يمكن أن تتواجد في جهات دون أخرى، كما أن التجارب الدولية تعرف نماذج لنقابات تؤسس على أساس جهوي.
واعتبر المجلس الاقتصادي أن التنصيص على منع تأسيس النقابات الجهوية، اقتباساً من القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية، لا ينسجم مع مبادئ الحرية النقابية ومع الحق في التنظيم، كما لا يتماشى مع انخراط المغرب في مسلسل الجهوية المتقدمة.
مجلس الشامي “يُشَرح” قانون النقابات
