Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

محمد فارس يكتب: عُنْف رامبُو الرّباط وكرامة المواطن في هذا البلد

محمد فارس

قبل الحديث عن إنجاز [رامبو] الرّباط خلال تجَمهُر للأساتذة دفاعًا عن حقوقهم بعدما آلتْ إليه أوضاعُهم في زمن أكاديميات زائدة عن الحاجة تمامًا كما هو شأْنُ مؤسّسات لم يعُدِ البلدُ بحاجة إليها؛ أقول قَبل الخوض في موضوع إنجاز [رامبو] وهو يُطيح أرضًا بأحد المدرِّسين بطريقة [Crochet]، وقد بدَا [رامْبُو] الرّباط، مفتول العضلات، صَلْبَ البنية مع [البّادَر] الظّاهرة، لابدّ من الحديث عن المواطن الذي يَفتقر إلى الكرامة في وطنه بعدما استُهدِفَ قوتُه، واستُبيحَتْ حقوقُه، وما التُفِتَ إلى مطالبه من طرف المتبجِّحين كذبًا وبهتانًا بما يسمّونه [حقوق الإنسان]، فيما هذه مجرّد تسمية لِلتّغطية على وجوه ظالمة أتعبتِ العباد، وأساءت لسُمعة البلاد في مشارق الأرض ومغاربها.. فهل هناك مُواطنة بدون [كَرامة] في بلد [الدّيمقراطية] و[حقوق الإنسان] وما شاكلهما من أشباه الألفاظ؟ فما هي إذن [الكرامة] في نظر فلاسفة ومفكّرين لا يعرفهم ظلمةُ هذا البلد؟

[الكرامة] في اللّغة العَزازة؛ تقول: له عليَّ كرامة وعزازة، وفعلت هذا كرامة لَهُ.. وللكرامة في اصطلاح القدماء معنى خاص، وهو إطلاقها على أمرٍ خارق للعادة غير مقرون بدعوى النبوءة والتحدي، يظهره الله على أيدي أوليائه، ولكن الذي يعنينا في هذه المقالة، هو اصطلاح المحدثين؛ فالكرامة تعني اتّصاف الإنسان بما يليق به من الفضائل التي تجعله أهلاً للاحترام في عين نفسه وعين غيره؛ تقول: فُلان يحافظ على كرامته.. ويُطلق اصطلاح الكرامة الإنسانية على قيمة الإنسان من جهة ما هو ذو طبيعة عاقلة، لذلك قال [باسكال]: تقوم كرامة الإنسان على الفكر.. لكن أيّ فكر لهؤلاء الظلمة الذين يعيثون فسادًا في هذا البلد؟ ومبدأ الكرامة الإنسانية، أحد المبادئ التي بنى عليها [كانط] مذهبه الأخلاقي، ذلك لأن غاية الإرادة الإنسانية، احترام الموجود العاقل الذي هو الإنسان الذي كَرمه الله عزّ وجلّ، ولكن أية أخلاق، وأيّ احترام لهؤلاء الفاسدين الذين يسيرون بسفينة الأمّة نحو جَبل ثلجي قاتل كما سار رَبابنة سفينة [تيتانيك] نحْو الكارثة سنة (1912) وكانوا يظنّون أنّهم يُحْسنون صنعًا!

يقول [كانط]: إذا أردتَ أن تعمل، فلتكُن قاعدة عملكَ اتّخاذ الإنسانية في شخصك وفي أشخاص الآخرين غايةً لا واسطة، ومعنى ذلك أنّ للموجود العاقل كرامة ذاتية توجبُ أن يعدّ غايةً في ذاته لا وسيلة؛ وكرامتُه من حيث هو إنسان مقدَّمة على كل شيء، فإذا سخّر عقلَه لأهوائه، أو سخّر غيْره من الناس لمصالحه ومنافعِه (كما تفعل أحزاب المذلّة بالمصوتين خلال الانتخابات)، خالفَ مبْدأ الكرامة الإنسانية.. وأية كرامة إنسانية لمن نُصِّبوا لخدمة حقوق الإنسان في هذا البلد، فحتى التّلفزة لم تعِرْ أي اهتمام لعنف [رامبو] الرّباط وهو يطرحُ أرضا مدرّسا أعزل، كان يحتجّ سِلميًا في الشارع مُطالبا بحقوقه، ورافضًا أن يشتغل بعُقْدة مثله مثل المرتزقة مع منظّمات انفصالية، فيما هو، أي المدرس، جُنْدي في خندق ضدّ الجهل والأمية، ودورُه أهمّ للأمّة من البرلماني والمستشار وبقية أكلَة السّحْت.. وقد لاحظتُ أن جرائد نشرت الخبر في هوامش لا تثير الاهتمام، مع أنّ المشهد كارثي ومُسيء للأمّة، كما أنه يمنح مادّةً دسِمَة للخونة ولأعداء الوطن لـمُهاجمة البلد، فيما بعضُها، أي الجرائد، قالت إن تحقيقًا قد فُتِح، وما فائدة التّحقيق والأمر لا يتعلّقُ باختلاس مثلاً أو سرقة أو شيء من هذا القبيل؛ فالكارثة الوطنية المتمثّلة في إنجاز [رامبو] الرباط، لا تحتاجُ إلى تحقيق، ونحن نعْرف أنه عندما يتعلّق الأمرُ بالتحقيقات، تُنْسى القضايا، مثل تحقيق حادثة القطار في [بوقنادل]، وتحقيقات موْت (28) عاملاً وعاملةً في مصنع، ولم تُساءل شركة [أمانديس] وهي المسؤولةُ عن الكارثة بسبب إهمالها لعِلْمها أن المواطن المغربي لا كرامةَ له حيّا وميّتًا، وهذا ما خبرناهُ طيلة حياتنا، فنحن نعيش، ولا نَحْيى في البلاد، لأنّه لا حياةَ لمن تنادي، ثم عليكم بالصّبر في انتظار القبر..

لو كان [رامبو] الرباط، يعلم مسْبقا أن للمواطن كرامة، لما تجرّأَ على فعل ذلك، ودليلي على أنّ المواطنَ لا كرامةَ له، هو تنكُّر البرلمانيين والمستشارين لوعودهم، ومساندتهم لحكومة عُرفتْ بقراراتِها الجائرة.. الـمُواطن لا كرامةَ له، يَظهر ذلك في المؤسّسات، والمخافر، والمستشفيات، والمدارس، والجامعات، وفي كلّ أرجاء [مَغْرب] الواقع الأليم، باستثناء [مغرب] التّلفزيون حيث تشاهد العناية بالمواطن؛ و(ممثّلين) يمثّلون الـمُواطنَ وهو يعبّر عَبْر استجواب [غوبلْزي] مَخْدوم عن سعادتِه، وارتياحِه في بلد الكرامة، والعدل، والدّيمقراطية، وحقوق الإنسان، وحقوق الطّفل، وحقوق المرأة، وحقوق العامل، إلى جانب العناية بالمدرّس، والممرّضِ، والشيخِ المريض، والعجزةِ؛ كلّ ذلك تراه في [مغْرب] التلفزيون المليء بالرقص، والغناء، والمسابقات، وبفنِّ الطّبخ، فيما مواطن هناك يبيت على الطّوى، فيحْسبونه كلبًا عوى؛ عن أيّة كرامةٍ ستحدّثني يا هذا، وبدون استحياء، ستَدْعوني لِلتّصويت لكَ في الانتخابات! فكرامتي لا تهمّك، ولكن الذي يهمّكَ هو صوتي فقط، حتى إذا ظفرتَ، كفرتَ بكلّ ما وعدتَ به؛ بَخٍ، بَخٍ، بخٍ مِنْكَ ومن أمثالك!

 

Exit mobile version