Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

مدونة الأسرة بين الإسلام والإسلام السياسي

النقاش الدائر حول مدونة الأسرة والتعديلات التي ينبغي إدخالها عليها، فيها ما هو معقول وفيها ما هو بحث عن تمايز فارغ دون مضمون. سواء تعلق الأمر بما يطرحه بعض المتساقطين على طريق التنوير والحداثة أو بعض الإسلاميين. وسوف نركز في هذه الافتتاحية على موقف يعتبر أن كل التعديلات ممكنة إلا “الإسلام والدستور” خطان أحمران.
ليس المشكل في وضع خطوط حمراء، ونحن ممن دافع عن اعتبار القيم المحلية عملية حاكمة على كل التعديلات، ولا ينبغي الانبهار بما يسمى القيم الكونية، التي أوضحنا أنها قيم محلية للمتغلب فرضها على الغالب، لكن المشكل هو في المغالطة المصاحبة لهذا المطلب.
عندما تضع الإسلام خطا أحمرَ والدستور كذلك وكأنك الأسبق إلى ذلك. هذه الدعوة جاءت من عبد الإله بنكيران، أمين عام العدالة والتنمية. وهي دعوة غامضة وملتبسة وغير معروفة الأهداف.
ففي الرسالة الملكية التي وجهها إلى رئيس الحكومة، التي تعتبر السند الدستوري لهذه التعديلات، نجد تأكيدا على ما هو مرجعي وقيمي، تقول الرسالة الملكية “من هذا المنطلق، فإن المرجعيات والمرتكزات تظل دون تغيير. ويتعلق الأمر بمبادئ العدل والمساواة والتضامن والانسجام، النابعة من ديننا الإسلامي الحنيف، وكذا القيم الكونية المنبثقة من الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب.
وإننا واثقون بأن إعمال فضيلة الاجتهاد البناء هو السبيل الواجب سلوكه لتحقيق الملاءمة بين المرجعية الإسلامية ومقاصدها المثلى، وبين المستجدات الحقوقية المتفق عليها عالميا.
وكما أكدنا أكثر من مرة، فإننا، بصفتنا أمير المؤمنين، لا يمكننا أن نحل ما حرم الله ولا أن نحرم ما أحله جل وعلا”.
إذن في أصل العملية هناك الدين الإسلامي واحترام مبادئ الدستور. فحتى القيم الكونية نصت الرسالة على أنها تلك المنبثقة من الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب. بمعنى أنه تم إخضاعها للدراسة، وتمت معرفة مدى ملاءمتها لقيمنا المحلية، وبالتالي لم يعد فيها أي إشكال، وقد رفض المغرب عددا من الاتفاقيات الدولية لأنها لا تنسجم مع مبادئنا وقيمنا وتحفظ على أخرى.
الدين الإسلامي معيار لتعديل مدونة الأسرة، وهذا يعرفه بنكيران جيدا. فلماذا يصيح وكأنه يريد أن يقول شيئا مهما. لا أهمية لمسألة بديهية، وتكرار البديهيات أو معارضتها من الجهالات الكبرى في المعارف الإنسانية.
عن أي إسلام يتحدث بنكيران؟ إسلام المغاربة واضح، وهو المبني على فقه النوازل والاجتهاد للإجابة عن الأسئلة الجديدة والمحرجة، وهو إسلام مؤسس ومبني على مدرسة فقهية وكلامية وسلوكية شفافة لا غبار عليها. يتحدث بنكيران عن الإسلام وكأن المغاربة يعرفونه أول مرة، بينما يجهل هو شخصيا أغلب القواعد الفقهية التي بنى عليها الفقهاء المغاربة اجتهاداتهم في التعاطي مع المستجدات.
إذن لا معنى لهذه الدعوة ما دامت الرسالة المؤطرة للتعديلات تصدر عن إمارة المؤمنين التي تعتبر الإطار العملي للاجتهاد الفقهي الإسلامي في احترام تام لقواعد الدستور.

Exit mobile version