Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

مغالطات التوفيق حول الأئمة

الأئمة جزء من منظومة تدبير الشأن الديني، كما أن الأئمة هم مواطنون كباقي الناس، فيهم الصالح والطالح، وفيهم الوفي المخلص لقواعد ومرتكزات النهوض بهذه المهمة ذات الطابع الروحي، عكس ما أراد أحمد التوفيق تصويره، على أن “جسم الأئمة محصن بالقانون ويحميه الأئمة أنفسهم من التشويش الذي لا علاقة له بمصالح القيمين الدينيين”، فالقانون لم يكن في يوم من الأيام حصانة ضد ارتكاب الخطأ ولكنه يحاول منع الوقوع فيه ومعالجته إن وقع على أرض الواقع، فالمطلوب ليس الحصانة كمعطى ولكن التحصين من الاختراق، وهو تابت ومؤكد داخل وزارة الأوقاف ومصالحها الخارجية.
إذا كان الجسم محصنا ضد الاختراق كما يقول الوزير المكلف بالقطاع فإن ذلك ينبغي أن ينعكس على الشأن الديني في المغرب. وهنا لابد من سؤال جوهري: كثير من الأئمة يعبرون عن تطرف خطير ولا يتم التعاطي معهم إلا بعد خروجهم إلى وسائل التواصل الاجتماعي، بمعنى ماذا صنعوا في المساجد طوال سنوات في غفلة من الوزارة؟
نعم لقد استطاع المغرب أن يقدم نموذجا رائدا في مكافحة الإرهاب، ونجزم أنه أمنيا واجتماعيا تحققت نتائج باهرة لكن على مستوى التأطير الديني هناك اختلالات كبيرة، إذ ما زالت المساجد في كثير من الأحيان يخرج منها الإرهابيون، سواء الذين تم اعتقالهم هنا أو الذين غادروا نحو بؤر التوتر، ووجود أئمة متطرفون دليل على فشل “التحصين” كما ادعاه الوزير، وليس زعما منا وجود أئمة من هذا النوع ولكن استقراء الواقع يفيد ما ذهبنا إليه ويعززه، ومنهم العشرات الذين يمارسون منهم قيم ديني وخطيب جمعة هم متطرفون والوزارة لا تتعاطى معهم بشكل جدي.
أحيانا يظهر أن الوزارة كلما ابتعد الأئمة عن المطالب المادية كلما أطلقت لهم العنان، وبالتالي يعيثون في الأرض فسادا من خلال نشر الفقه المتطرف والعقيدة الشاذة بدل ما تواضع عليه المغاربة من مدارس في العقيدة والفقه والسلوك.
ولا يمكن للوزير أن ينفي أن جزءا كبيرا من القيمين الدينيين وخطباء الجمعة ينتمون لتيارات دينية، وأساسا حركة التوحيد والإصلاح، التي يمارس أعضاء في مكتبها التنفيذي الخطابة يوم الجمعة، طبعا هم مواطنون مثل باقي المغاربة، لكن في هذا الشأن هم غير محايدين، وعقيدتهم تختلف عن عقيدة المغاربة، وخطابهم عنيف، ومع ذلك يسكت عنهم الوزير التوفيق في إطار تقاسم النفوذ.
فالحركة المذكورة هي الأم لحزب العدالة والتنمية، وهو أداتها الوظيفية، وهي جزء من التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، وأغلب خطبائها ينتمون للاتحاد العالمي للعلماء المسلمين، الذي يقوده أحمد الريسوني رئيسها الأسبق، وهو أداة الفتن في العالم العربي. ولا يمكن للوزير أن ينفي وجود هؤلاء وبكثافة في موقع “القيم الديني” وخطيب الجمعة، فهو من جهة يساند حزبا ضد الآخرين ومن جهة ينشر خطابا متوترا غريبا عن المغاربة.
تحصين الأئمة يحتاج إلى رؤية مبنية على خطة دقيقة بعيدة عن أية مصلحة مهما كانت.

Exit mobile version