إدريس عدار
السياسة أكبر مجال لممارسة المغالطة. هذا ميدان يدوسون فيه على المنطق وهم يضحكون. تكاد المغالطة هي التي تسود مشهدا يتزاحم فيه المرشحون. جمع من الناس الكل يعلن تطوعه لخدمة الوطن. يعلم الله وحده بالنوايا لكن التجربة الاجتماعية أكدت أن أغلبهم يبحثون ب”الفتيلة والقنديل” عن مصلحة، تصغر وتكبر حسب المرشح. تكاد المغالطة تغطي كل شيء في الحملة الانتخابية، من العنوان إلى التفريعات ومن أكبر قضية إلى آخر تفصيلة.
يهمني اليوم أن أتحدث عن مغالطة انتخابية خطيرة. مغالطة المفاضلة بين أحزاب الأغلبية الحكومية.
هناك دعوة اليوم لإسقاط حزب العدالة والتنمية كي لا يعود لرئاسة الحكومة. قد تعود به الترتيبات مشاركا فيها. يعود أو لا يعود ليس موضوعي، وفي كل ما كتبت كنت أنتقد تكوين الحزب ومساره وأفكاره وارتباطاته، من حيث النشأة والتكوين، ونادرا ما تناولت دوره في التدبير إلا من باب إقامة الحجة على من ادعى.
للأسف الشديد الدعوة لإسقاط العدالة والتنمية في الغالب تأتي مقرونة بالدعاية لحزب التجمع الوطني للأحرار بزعامة عزيز أخنوش. وهذه أم المغالطات التي لا يمكن أن يقبلها عقل. أي تفكير في حده الأدنى يرفض ذلك.
من يعتبر الحكومة نجحت فأحزابها تتساوى. ومن يعتبرها فشلت فأحزابها تتساوى. إذا كنت تعتبر هذه الحكومة لم تقم بشيء وحصيلتها كارثية فيلزمك الدعوة لإسقاط كل مكوناتها. ومن حقك أن تدعو لعودتها إذا كنت تعتبرها ناجحة.
طبعا حزب العدالة والتنمية هو الذي قاد الحكومة. لكن رئيسها هو منسق عمل الأحزاب. فالتجمع تولى وزارات كبيرة وكيلومترية “الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات” و”الصناعة والتجارة والاقتصاد الرقمي والأخضر”. هل كانت أيديهم مكبلة؟ لقد كانت لديهم كافة الإمكانيات للقيام بالواجب.
يستشكل علينا البعض أن الحزب المذكور لم يكن يقود الحكومة. هذه أيضا مغالطة. هل ينوي قيادتها لوحده؟ سيكون مضطرا أيضا للتحالف مع أحزاب أخرى إذا فاز بالانتخابات. قد يعود التحالف الحالي نفسه مع تغيير الترتيب، وقد تكون هناك ترتيبات غير متوقعة تولد عنها حكومة خارج الحسابات الحالية. هل قيادة الحكومة ستمنح الحزب مفاتيح التغيير؟
من غير المنطقي أن يرتبط النقد الموجه للحزب الأول بالتسويق للحزب الثاني في التحالف الحكومي. هذا تحالف يتكون من أحزاب. لا يهمنا السياق الذي جاء فيه. الاحتجاجات كانت شفوية. لكن بمكنة أي حزب إذا لم يعد موافقا على نهج الحكومة أن ينسحب منها. وقد سبق لحزب الاستقلال أن خرج من الحكومة عقب انتخاب حميد شباط أمينا عاما، وتشكل تحالف آخر ولم يحدث شيء. إذن إذا كان الحزب، الذي يقدم اليوم نفسه بديلا، غير راض عن عمل الحكومة فلماذا استمر فيها كل هذا الوقت؟ فالتحالف يتحمل المسؤولية عن التدبير مجتمعا، وحسب رؤية كل واحد للحصيلة يحدد موقفا انتخابيا من أحزاب التحالف.
مغالطة انتخابية..المفاضلة بين أحزاب الأغلبية
