Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

مغربيات يواصلن الاستحمام عن طريق التحايل على حالة الطوارئ

في مشهد شبه سنمائي،تظهر فجأة إمرأة تحمل في يدها  قُفَّة صغيرة،شبيهة بقفف التسوق،جمعت فيها ملابس نظيفة ومستلزمات الاستحمام، تخطو بين أزقة الدروب الضيقة متخفية تفادياً لسؤوالها عن وجهتها من طرف القائمين على تنفيذ حالة الطوارئ،متجهة صوب منزل شقيقتها الكبرى الذي يفصل بيتها عنه، بشارعين

“قاصدة منزل الشقيقة الكبرى،الذي يحظى بتوفره على حمام منزلي مُزود بسخان ماء كهربائي.

تقول المرأة في تصريح صحفي،إنها تقصده كل أسبوع من أجل الاستحمام”،لإحياء طقوس الاستحمام التقليدي،ولم تخف  تذمرها بسبب إغلاق الحمامات الشعبية جراء حالة الطوارئ،وفرض الحجر الصحي بالمغرب تفادياً لانتشار عدوى فيروس “كورونا”.

وكانت المتحدثة المسماة لطيفة تلجأ حمام “عُود الورد” الشعبي الذي لا يبعد عن منزلها كثيراً، وهي التي اعتادت أن تقصده كل نهاية أسبوع، مستمتعة بساعتين من الاستحمام والتدليك،والاسترخاء فوق أرضه الساخنة، “لا ننظف فيه أجسادنا فقط، بل نحظى بصفاء ذهن ونفسية متجددة” تحكي السيدة المغربية تضيف بنبرة شوق لهذه الساعات المفقودة.

ويذكر أنه مر شهران على إقفال الحمامات الشعبية التقليدية والعصرية، لأبوابها تنفيذا لحالة،الطوارئ والحجر الصحي، ما حرم النساء المغربيات من عادة أصيلة وعريقة في ثقافتهن، تقضي بضرب موعد أسبوعي مع حمامات تقليدية وأخرى عصرية، أما الغاية فواحدة.

لا تستغني المغربية أبداً عن حمامها الأسبوعي، وعلى الرغم من الحجر والتعليمات الواضحة المتعلقة بحالة الطوارئ، فقد ضبط رجال الأمن 13 سيدة داخل أحد الحمامات الشعبية بمدينة وجدة، في عز انتشار الوباء، منتصف أبريل/نيسان المنصرم.

وتنفيذلدا لحالة الطوارئ،سبق وضبط عناصر الأمن بوجدة، حماما شعبيا يشتغل بدوام كامل رغم قرار وزارة الداخلية القاضي بإغلاق الحمامات كإجراء وقائي للحد من انتشار فيروس “كورونا”.

وأسفر التدخل الأمني عن ايقاف 13 عشر امرأة، بعد خروجهن من الحمام، بتهمة خرق إجراءات حالة الطوارئ الصحية، فيما أغلقت السلطات المحلية الحمام الشعبي وسَحَبت رخصة عمله بشكل نهائي.

ومن النظافة ما أصاب بـ “كورونا”

الرغبة الجامحة في نيل قسط من الاسترخاء والنظافة العميقة، عرضت نساء بمدينة مراكش، وسط، إلى خطر الإصابة بفيروس “كورونا” بسبب الاختلاط.

وسائل إعلامية محلية، أكدت إصابة 18 سيدة يقطنَّ بحي واحد، فيما كشفت تحريات الأمن أن العدوى انتقلت إلى مجموعة من العائلات بالمنطقة، بسبب حمام بمنزل إحدى المصابات، حيث كانت مجموعة من النساء يقصدنه من أجل الاستحمام بعد إغلاق الحمامات العمومية.

ابن صاحبة البيت الذي يضم الحمام، قال في تصريح صحفي،إن إحدى الجارات قصدت فعلاً حمام منزلهم، وأن والدتها سمحت لها بالاستحمام، دون أن تستقبل باقي السيدات.لكنها ستتسبب لهن ولجاراتهن في الإصابة بفيروس كورونا،إذ 

 “كانت تلك السيدة مصابة بـ “كورونا” دون أن تظهر عليها أعراض المرض، استحمت في منزلنا وغادرت، وهي من تسببت في نقل العدوى لابنتها وبعض جاراتها”.

للمغربيات علاقة وطيدة مع الحمام، فعلى الرغم من المشاغل الكثيرة والضغط اليومي لابد من زيارة أسبوعية واحدة على الأقل للحمام الذي لا يعد مكاناً للنظافة فحسب بل فرصة للاسترخاء.                                                        

حتى عمارة الحمام الشعبي المغربي تختلف عن باقي البنايات المجاورة له بنوافذ خاصة وفسيفساء مميزة، وثلاث غرف فسيحة وساخنة تؤدي إحداها إلى الأخرى، فيما يُخفِّف البخار من وَهَج الإضاءة.

“للاَّ (سيدتي) زينة وزادها نور الحمام”، مثل شعبي مغربي يؤكد أن الحمام لا يزيد المرأة إلا نوراً وجمالاً، وسر المغربيات يتمثل في المراحل أو “البروتوكول” الذي يتَّبِعنه منذ ولوجهن الغرفة الأولى للحمام (الأقل سخونة) حيث يبدأن بتدليك ناعم لكامل الجسد بالاستعانة بالصابون الأسود المغربي (الصابون البلدي).

“الصابون الأسود” هو أفضل أنواع الصابون، مصنوع من مواد طبيعية ودون مواد حافظة، ويعتمد على خصائص مرطبة ومغذية، وقد يُمزج بزيوت عطرية وببعض الأعشاب التجميلية الطبيعية.

قبل المرور للتقشير، وهي عملية حك الجلد برفق قصد التخلص من الجلد الميت، لابد للمستحمة أن تنعش جسدها بخليط الحناء والقرنفل والريحان ما يجعل النساء يتمتعن ببشرة مشرقة وناعمة ونظيفة.

وتتختم المستحمة مُتعَتها، بتدليك وتمديد الأطراف للتَّخلص من تعب أسبوع كامل، وهي العملية التي يطلق عليها “تْكسال” ومنها اشتقت تسمية العاملات بالحمامات التقليدية بـ”الكسَّالات”.

متى تفتح الحمامات بالمغرب أبوابها؟

لا شك أن الرغبة لا تقتصر فقط على المغربيات الراغبات في العودة مجدداً لممارسة طقوسهن، بل حتى أصحاب الحمامات العمومية في المغرب والتي يبلغ عددها 12 ألف حمام، إلى جانب مئات الحمامات العصرية “السْبَّا”.

“الأمور متوقفة، لم نعمل منذ شهرين، شهد الحمام إقبالاً كثيفاً قبيل الإعلان الرسمي عن حالة الطوارئ والإغلاق الشامل للمحلات” تقول نادية لـ “عربي بوست” وهي صاحبة حمام عصري بمدينة سلا.

“بعد مرور أسابيع على إعلان الحجر بدأت بعض الزبونات في الاتصال هاتفياً سائلات عن إمكانية الاستفادة من جلسة حمام فردية، وهو الأمر الممنوع بقوة القانون، وإلا تعرضتُ للاعتقال” تؤكد صاحبة الحمام.

تريد نادية أن تستأنف العمل رفقة باقي عاملات المرفق الصحي بمواصفات عصرية إلى جانب خدمات تجميلية، إلا أنها ترغب كذلك في حماية نفسها والعاملات معها من أي عدوى محتملة.

بعد مرور 64 يوماً على إقرار الحجر وحالة الطوارئ بالمملكة، لا تزال جميع الحمامات الشعبية والعصرية موصدة الأبواب إلى حين رفع حالة الطوارئ.

Exit mobile version